تفسير ابن كثير
تفسير الآية رقم 37 من سورة الأنبياء
وقوله : ( خلق الإنسان من عجل ) ، كما قال في الآية الأخرى : ( وكان الإنسان عجولا ) [ الإسراء : 11 ] أي : في الأمور .
قال مجاهد : خلق الله آدم بعد كل شيء من آخر النهار ، من يوم خلق الخلائق فلما أحيا الروح عينيه ولسانه ورأسه ، ولم يبلغ أسفله قال : يا رب ، استعجل بخلقي قبل غروب الشمس .
وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أحمد بن سنان ، حدثنا يزيد بن هارون ، أنبأنا محمد بن علقمة بن وقاص الليثي ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " خير يوم طلعت فيه الشمس يوم الجمعة ، فيه خلق آدم وفيه أدخل الجنة ، وفيه أهبط منها ، وفيه تقوم الساعة ، وفيه ساعة لا يوافقها مؤمن يصلي - وقبض أصابعه قللها - فسأل الله خيرا ، إلا أعطاه إياه " . قال أبو سلمة : فقال عبد الله بن سلام : قد عرفت تلك الساعة ، وهي آخر ساعات النهار من يوم الجمعة ، وهي التي خلق الله فيها آدم ، قال الله تعالى : ( خلق الإنسان من عجل سأريكم آياتي فلا تستعجلون ) .
والحكمة في ذكر عجلة الإنسان هاهنا أنه لما ذكر المستهزئين بالرسول ، صلوات الله [ وسلامه ] عليه ، وقع في النفوس سرعة الانتقام منهم واستعجلت ، فقال الله تعالى : ( خلق الإنسان من عجل ) ; لأنه تعالى يملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته ، يؤجل ثم يعجل ، وينظر ثم لا يؤخر; ولهذا قال : ( سأوريكم آياتي ) أي : نقمي وحكمي واقتداري على من عصاني ، ( فلا تستعجلون ) .