تفسير ابن كثير
تفسير الآية رقم 1 من سورة المؤمنون
تفسير سورة المؤمنون مكية .
قال الإمام أحمد : حدثنا عبد الرزاق ، أخبرني يونس بن سليم قال : أملى علي يونس بن يزيد الأيلي ، عن ابن شهاب ، عن عروة بن الزبير ، عن عبد الرحمن بن عبد القاري قال : سمعت عمر بن الخطاب يقول : كان إذا نزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم الوحي ، يسمع عند وجهه كدوي النحل فمكثنا ساعة ، فاستقبل القبلة ورفع يديه ، فقال : " اللهم ، زدنا ولا تنقصنا ، وأكرمنا ولا تهنا ، وأعطنا ولا تحرمنا ، وآثرنا ولا تؤثر [ علينا ، وارض عنا ] وأرضنا " ، ثم قال : " لقد أنزلت علي عشر آيات ، من أقامهن دخل الجنة " ، ثم قرأ : ( قد أفلح المؤمنون ) حتى ختم العشر .
وكذا روى الترمذي في تفسيره ، والنسائي في الصلاة ، من حديث عبد الرزاق ، به .
وقال الترمذي : منكر ، لا نعرف أحدا رواه غير يونس بن سليم ، ويونس لا نعرفه .
وقال النسائي في تفسيره : أنبأنا قتيبة بن سعيد ، حدثنا جعفر ، عن أبي عمران عن يزيد بن بابنوس قال : قلنا لعائشة : يا أم المؤمنين ، كيف كان خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قالت : كان خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم القرآن ، فقرأت : ( قد أفلح المؤمنون ) حتى انتهت إلى : ( والذين هم على صلواتهم يحافظون ) ، قالت : هكذا كان خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وقد روي عن كعب الأحبار ، ومجاهد ، وأبي العالية ، وغيرهم : لما خلق الله جنة عدن ، وغرسها بيده ، نظر إليها وقال لها . تكلمي . فقالت : ( قد أفلح المؤمنون ) ، قال كعب الأحبار : لما أعد لهم فيها من الكرامة . وقال أبو العالية : فأنزل الله ذلك في كتابه .
وقد روي ذلك عن أبي سعيد الخدري مرفوعا ، فقال أبو بكر البزار : حدثنا محمد بن المثنى ، حدثنا المغيرة بن سلمة ، حدثنا وهيب ، عن الجريري ، عن أبي نضرة ، عن أبي سعيد قال : خلق الله الجنة ، لبنة من ذهب ولبنة من فضة ، وغرسها ، وقال لها : تكلمي . فقالت : ( قد أفلح المؤمنون ) ، فدخلتها الملائكة فقالت : طوبى لك ، منزل الملوك! .
ثم قال : وحدثنا بشر بن آدم ، وحدثنا يونس بن عبيد الله العمري ، حدثنا عدي بن الفضل ، حدثنا الجريري ، عن أبي نضرة ، عن أبي سعيد ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " خلق الله الجنة ، لبنة من ذهب ولبنة من فضة ، وملاطها المسك " . قال أبو بكر : ورأيت في موضع آخر في هذا الحديث : " حائط الجنة ، لبنة ذهب ولبنة فضة ، وملاطها المسك . فقال لها : تكلمي . فقالت : ( قد أفلح المؤمنون ) فقالت الملائكة : طوبى لك ، منزل الملوك ! " .
ثم قال البزار : لا نعلم أحدا رفعه إلا عدي بن الفضل ، وليس هو بالحافظ ، وهو شيخ متقدم الموت .
وقال الحافظ أبو القاسم الطبراني : حدثنا أحمد بن علي ، حدثنا هشام بن خالد ، حدثنا بقية ، عن ابن جريج ، عن عطاء ، عن ابن عباس قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : " لما خلق الله جنة عدن ، خلق فيها ما لا عين رأت ، [ ولا أذن سمعت ] ، ولا خطر على قلب بشر . ثم قال لها : تكلمي . فقالت : ( قد أفلح المؤمنون ) .
بقية : عن الحجازيين ضعيف .
وقال الطبراني : حدثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة ، حدثنا منجاب بن الحارث ، حدثنا حماد بن عيسى العبسي ، عن إسماعيل السدي ، عن أبي صالح ، عن ابن عباس يرفعه : " لما خلق الله جنة عدن بيده ، ودلى فيها ثمارها ، وشق فيها أنهارها ، ثم نظر إليها فقال : ( قد أفلح المؤمنون ) . قال : وعزتي لا يجاورني فيك بخيل " .
وقال أبو بكر بن أبي الدنيا : حدثنا محمد بن المثنىالبزار ، حدثنا محمد بن زياد الكلبي ، حدثنا يعيش بن حسين ، عن سعيد بن أبي عروبة ، عن قتادة ، عن أنس ، رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " خلق الله جنة عدن بيده ، لبنة من درة بيضاء ، ولبنة من ياقوتة حمراء ، ولبنة من زبرجدة خضراء ، ملاطها المسك ، وحصباؤها اللؤلؤ ، وحشيشها الزعفران ، ثم قال لها : انطقي . قالت : ( قد أفلح المؤمنون ) فقال الله : وعزتي ، وجلالي لا يجاورني فيك بخيل " . ثم تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون ) [ الحشر : 9 ] فقوله تعالى : ( قد أفلح المؤمنون ) أي : قد فازوا وسعدوا وحصلوا على الفلاح ، وهم المؤمنون المتصفون بهذه الأوصاف .