تفسير ابن كثير
تفسير الآية رقم 1 من سورة غافر
تفسير سورة غافر وهي مكية
قد كره بعض السلف ، منهم محمد بن سيرين أن يقال : " الحواميم " وإنما يقال : " آل حم " .
قال عبد الله بن مسعود : " آل حم " ديباج القرآن .
وقال ابن عباس : إن لكل شيء لبابا ولباب القرآن " آل حم " أو قال : الحواميم .
قال مسعر بن كدام : كان يقال لهن : " العرائس " .
روى ذلك كله الإمام العلم أبو عبيد القاسم بن سلام ، رحمه الله ، في كتاب : " فضائل القرآن " . وقال حميد بن زنجويه : حدثنا عبيد الله بن موسى ، حدثنا إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن أبي الأحوص عن عبيد الله قال : إن مثل القرآن كمثل رجل انطلق يرتاد لأهله منزلا فمر بأثر غيث فبينا هو يسير فيه ويتعجب [ منه ] ، إذ هبط على روضات دمثات فقال : عجبت من الغيث الأول ، فهذا أعجب وأعجب فقيل له : إن مثل الغيث الأول مثل عظم القرآن ، وإن مثل هؤلاء الروضات الدمثات ، مثل آل حم في القرآن . أورده البغوي .
وقال ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب : أن الجراح بن أبي الجراح حدثه عن ابن عباس ، قال : لكل شيء لباب ، ولباب القرآن الحواميم .
وقال ابن مسعود : إذا وقعت في " آل حم " فقد وقعت في روضات أتأنق فيهن .
وقال أبو عبيد : حدثنا الأشجعي ، حدثنا مسعر - هو ابن كدام - عمن حدثه : أن رجلا رأى أبا الدرداء [ رضي الله عنه ] يبني مسجدا ، فقال له : ما هذا ؟ فقال : أبنيه من أجل " آل حم " .
وقد يكون هذا المسجد الذي بناه أبو الدرداء هو المسجد المنسوب إليه داخل قلعة دمشق . وقد يكون صيانتها وحفظها ببركته وبركة ما وضع له ، فإن هذا الكلام يدل على النصر على الأعداء ، كما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأصحابه في بعض الغزوات : " إن بيتم الليلة فقولوا : حم ، لا ينصرون " وفي رواية : " لا تنصرون " .
وقال الحافظ أبو بكر البزار : حدثنا أحمد بن الحكم بن ظبيان بن خلف المازني ، ومحمد بن الليث الهمداني قالا حدثنا موسى بن مسعود ، حدثنا عبد الرحمن بن أبي بكر المليكي ، عن زرارة بن مصعب ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " من قرأ آية الكرسي وأول حم المؤمن ، عصم ذلك اليوم من كل سوء " .
ثم قال : لا نعلمه يروى إلا بهذا الإسناد . ورواه الترمذي من حديث المليكي ، وقال : تكلم فيه بعض أهل العلم من قبل حفظه .
بسم الله الرحمن الرحيم قد اختلف المفسرون في الحروف المقطعة التي في أوائل السور فمنهم من قال هي مما استأثر الله بعلمه فردوا علمها إلى الله ولم يفسرها حكاه القرطبي في تفسـره عن أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وابن مسعود رضي الله عنهم أجمعين وقاله عامر الشعبي وسفيان الثوري والربيع بن خيثم واختاره أبو حاتم بن حبان.
ومنهم من فسرها واختلف هؤلاء في معناها فقال عبدالرحمن بن زيد بن أسلم إنما هي أسماء السور.
قال العلامة أبو القاسم محمود بن عمر الزمخشري في تفسيره وعليه إطباق الأكثر ونقل عن سيبويه أنه نص عليه ويعتضد لهذا بما ورد في الصحيحين عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في صلاة الصبح يوم الجمعة "الم" السجدة و "هل أتى على الإنسان" وقال سفيان الثوري عن ابن أبي نجيح عن مجاهد أنه قال: الم وحم والمص وص.
فواتح افتتح الله بها القرآن وكذا قيل إن "حم" اسم من أسماء الله عز وجل وأنشدوا في ذلك بيتا يذكرني حم والرمح شاجر فهلا تلاحم قبل التقدم وقد ورد في الحديث الذي رواه أبو داود والترمذي من حديث الثوري عن أبي إسحاق عن المهلب بن أبي صفرة قال: حدثني من سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول "إن بيتم الليلة فقولوا حم لا ينصرون" وهذا إسناد صحيح واختار أبو عبيد أن يروي فقولوا حم لا ينصروا أى إن قلتم ذلك لا ينصروا جعله جزاء لقوله فقولوا.