تفسير ابن كثير
تفسير الآية رقم 10 من سورة الأحقاف
يقول تعالى : ( قل ) يا محمد لهؤلاء المشركين الكافرين بالقرآن : ( أرأيتم إن كان ) هذا القرآن ( من عند الله وكفرتم به ) أي : ما ظنكم أن الله صانع بكم إن كان هذا الكتاب الذي جئتكم به قد أنزله علي لأبلغكموه ، وقد كفرتم به وكذبتموه ، ( وشهد شاهد من بني إسرائيل على مثله ) أي : وقد شهدت بصدقه وصحته الكتب المتقدمة المنزلة على الأنبياء قبلي ، بشرت به وأخبرت بمثل ما أخبر هذا القرآن به .
وقوله : ( فآمن ) أي : هذا الذي شهد بصدقه من بني إسرائيل لمعرفته بحقيته ) واستكبرتم ) أنتم : عن اتباعه .
وقال مسروق : فآمن هذا الشاهد بنبيه وكتابه ، وكفرتم أنتم بنبيكم وكتابكم ( إن الله لا يهدي القوم الظالمين )
وهذا الشاهد اسم جنس يعم عبد الله بن سلام وغيره ؛ فإن هذه الآية مكية نزلت قبل إسلام عبد الله بن سلام . وهذه كقوله : ( وإذا يتلى عليهم قالوا آمنا به إنه الحق من ربنا إنا كنا من قبله مسلمين ) [ القصص : 53 ] ، وقال : ( إن الذين أوتوا العلم من قبله إذا يتلى عليهم يخرون للأذقان سجدا ويقولون سبحان ربنا إن كان وعد ربنا لمفعولا ) [ الإسراء : 107 ، 108 ] .
قال مسروق ، والشعبي : ليس بعبد الله بن سلام ، هذه الآية مكية ، وإسلام عبد الله بن سلام كان بالمدينة . رواه عنهما ابن جرير وابن أبي حاتم ، واختاره ابن جرير .
وقال مالك ، عن أبي النضر ، عن عامر بن سعد ، عن أبيه قال : ما سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول لأحد يمشي على وجه الأرض : " إنه من أهل الجنة " ، إلا لعبد الله بن سلام ، قال : وفيه نزلت : ( وشهد شاهد من بني إسرائيل على مثله )
رواه البخاري ومسلم والنسائي ، من حديث مالك ، به . وكذا قال ابن عباس ، ومجاهد ، والضحاك ، وقتادة ، وعكرمة ، ويوسف بن عبد الله بن سلام ، وهلال بن يساف ، والسدي ، والثوري ، ومالك بن أنس ، وابن زيد ; أنهم كلهم قالوا : إنه عبد الله بن سلام .