تفسير ابن كثير
تفسير الآية رقم 37 من سورة النجم
وقوله : ( أم لم ينبأ بما في صحف موسى وإبراهيم الذي وفى ) قال سعيد بن جبير ، والثوري أي بلغ جميع ما أمر به .
وقال ابن عباس : ( وفى ) لله بالبلاغ . وقال سعيد بن جبير : ( وفى ) ما أمر به . وقال قتادة : ( وفى ) طاعة الله ، وأدى رسالته إلى خلقه . وهذا القول هو اختيار ابن جرير ، وهو يشمل الذي قبله ، ويشهد له قوله تعالى : ( وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن قال إني جاعلك للناس إماما ) [ البقرة : 124 ] فقام بجميع الأوامر ، وترك جميع النواهي ، وبلغ الرسالة على التمام والكمال ، فاستحق بهذا أن يكون للناس إماما يقتدى به في جميع أحواله وأفعاله وأقواله ، قال الله تعالى : ( ثم أوحينا إليك أن اتبع ملة إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين ) [ النحل : 123 ] .
وقال ابن أبي حاتم : حدثنا محمد بن عوف الحمصي ، حدثنا آدم بن أبي إياس العسقلاني ، حدثنا حماد بن سلمة ، حدثنا جعفر بن الزبير ، عن القاسم ، عن أبي أمامة قال : تلا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هذه الآية : ( وإبراهيم الذي وفى ) قال : " أتدري ما وفى ؟ " قلت : الله ورسوله أعلم . قال : " وفى عمل يومه بأربع ركعات من أول النهار " .
ورواه ابن جرير من حديث جعفر بن الزبير ، وهو ضعيف .
وقال الترمذي في جامعه : حدثنا أبو جعفر السمناني ، حدثنا أبو مسهر ، حدثنا إسماعيل بن عياش ، عن بحير بن سعد ، عن خالد بن معدان ، عن جبير بن نفير ، عن أبي الدرداء وأبي ذر ، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الله عز وجل ، أنه قال : " ابن آدم اركع لي أربع ركعات من أول النهار ، أكفك آخره " .
قال ابن أبي حاتم رحمه الله : حدثنا أبي ، حدثنا الربيع بن سليمان ، حدثنا أسد بن موسى ، حدثنا ابن لهيعة ، حدثنا زبان بن قائد ، عن سهل بن معاذ بن أنس ، عن أبيه ، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : " ألا أخبركم لم سمى الله إبراهيم خليله الذي وفى ؟ إنه كان يقول كلما أصبح وأمسى : ( فسبحان الله حين تمسون وحين تصبحون ) [ الروم : 17 ] حتى ختم الآية . ورواه ابن جرير عن أبي كريب ، عن رشدين بن سعد ، عن زبان ، به .
ثم شرع تعالى يبين ما كان أوحاه في صحف إبراهيم وموسى فقال :