تفسير ابن كثير

تفسير الآية رقم 2 من سورة الأنعام

وقوله : ( هو الذي خلقكم من طين ) يعني : أباهم آدم الذي هو أصلهم ومنه خرجوا ، فانتشروا في المشارق والمغارب .
وقوله : ( ثم قضى أجلا وأجل مسمى عنده ) قال سعيد بن جبير ، عن ابن عباس : ( ثم قضى أجلا ) يعني : الموت ( وأجل مسمى عنده ) يعني : الآخرة .
وهكذا روي عن مجاهد وعكرمة وسعيد بن جبير والحسن وقتادة والضحاك وزيد بن أسلم وعطية والسدي ومقاتل بن حيان ، وغيرهم .
وقول الحسن - في رواية عنه : ( ثم قضى أجلا ) قال : ما بين أن يخلق إلى أن يموت ( وأجل مسمى عنده ) ما بين أن يموت إلى أن يبعث - هو يرجع إلى ما تقدم ، وهو تقدير الأجل الخاص ، وهو عمر كل إنسان ، وتقدير الأجل العام ، وهو عمر الدنيا بكمالها ثم انتهائها وانقضائها وزوالها ، [ وانتقالها ] والمصير إلى الدار الآخرة .
وعن ابن عباس ومجاهد : ( ثم قضى أجلا ) يعني : مدة الدنيا ( وأجل مسمى عنده ) يعني : عمر الإنسان إلى حين موته ، وكأنه مأخوذ من قوله تعالى بعد هذا : ( وهو الذي يتوفاكم بالليل ويعلم ما جرحتم بالنهار ثم [ يبعثكم فيه ليقضى أجل مسمى ثم إليه مرجعكم ] ) الآية [ الأنعام : 60 ] .
وقال عطية ، عن ابن عباس ( ثم قضى أجلا ) يعني : النوم ، يقبض فيه الروح ، ثم يرجع إلى صاحبه عند اليقظة ( وأجل مسمى عنده ) يعني : أجل موت الإنسان ، وهذا قول غريب .
ومعنى قوله : ( عنده ) أي : لا يعلمه إلا هو ، كقوله تعالى : ( إنما علمها عند ربي لا يجليها لوقتها إلا هو ) [ الأعراف : 187 ] ، وكقوله ( يسألونك عن الساعة أيان مرساها فيم أنت من ذكراها إلى ربك منتهاها ) [ النازعات : 42 - 44 ] .
وقوله : ( ثم أنتم تمترون ) قال السدي وغيره : يعني تشكون في أمر الساعة .