تفسير القرطبي
تفسير الآية رقم 3 من سورة يونس
قوله تعالى إن ربكم الله الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش يدبر الأمر ما من شفيع إلا من بعد إذنه ذلكم الله ربكم فاعبدوه أفلا تذكرون
قوله تعالى إن ربكم الله الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش تقدم في الأعراف .
يدبر الأمر قال مجاهد : يقضيه ويقدره وحده . ابن عباس : لا يشركه في تدبير خلقه أحد . وقيل : يبعث بالأمر . وقيل : ينزل به . وقيل : يأمر به ويمضيه ; والمعنى متقارب . فجبريل للوحي ، وميكائيل للقطر ، وإسرافيل للصور ، وعزرائيل للقبض . وحقيقته تنزيل الأمور في مراتبها على أحكام عواقبها ، واشتقاقه من الدبر . والأمر اسم لجنس الأمور .
ما من شفيع في موضع رفع ، والمعنى ما شفيع
إلا من بعد إذنه وقد تقدم في " البقرة " معنى الشفاعة . فلا يشفع أحد نبي ولا غيره إلا بإذنه سبحانه ، وهذا رد على الكفار في قولهم فيما عبدوه من دون الله : هؤلاء شفعاؤنا عند الله فأعلمهم الله أن أحدا لا يشفع لأحد إلا بإذنه ، فكيف بشفاعة أصنام لا تعقل .
قوله تعالى ذلكم الله ربكم فاعبدوه أي ذلكم الذي فعل هذه الأشياء من خلق السماوات والأرض هو ربكم لا رب لكم غيره . فاعبدوه أي وحدوه وأخلصوا له العبادة . أفلا تذكرون أي أنها مخلوقاته فتستدلوا بها عليه .