تفسير القرطبي
تفسير الآية رقم 74 من سورة الحجر
دليل على أن من فعل فعلهم حكمه الرجم ; وقد تقدم في " الأعراف " .
وفي التفسير : أمطرنا في العذاب , ومطرنا في الرحمة .
وأما كلام العرب فيقال : مطرت السماء وأمطرت : حكاه الهروي .
واختلف في " السجيل " فقال النحاس : السجيل الشديد الكثير ; وسجيل وسجين اللام والنون أختان .
وقال أبو عبيدة : السجيل الشديد ; وأنشد : ضربا تواصى به الأبطال سجينا قال النحاس : ورد عليه هذا القول عبد الله بن مسلم وقال : هذا سجين وذلك سجيل فكيف يستشهد به ؟ ! قال النحاس : وهذا الرد لا يلزم ; لأن أبا عبيدة ذهب إلى أن اللام تبدل من النون لقرب إحداهما من الأخرى ; وقول أبي عبيدة يرد من جهة أخرى ; وهي أنه لو كان على قوله لكان حجارة سجيلا ; لأنه لا يقال : حجارة من شديد ; لأن شديدا نعت .
وحكى أبو عبيدة عن الفراء أنه قد يقال لحجارة الأرحاء سجيل .
وحكى عنه محمد بن الجهم أن سجيلا طين يطبخ حتى يصير بمنزلة الأرحاء .
وقالت طائفة منهم ابن عباس وسعيد بن جبير وابن إسحاق : إن سجيلا لفظة غير عربية عربت , أصلها سنج وجيل .
ويقال : سنك وكيل ; بالكاف موضع الجيم , وهما بالفارسية حجر وطين عربتهما العرب فجعلتهما اسما واحدا .
وقيل هو من لغة العرب .
وقال قتادة وعكرمة : السجيل الطين بدليل قوله : " لنرسل عليهم حجارة من طين " [ الذاريات : 33 ] .
وقال الحسن : كان أصل الحجارة طينا فشددت .
والسجيل عند العرب كل شديد صلب .
وقال الضحاك : يعني الآجر .
وقال ابن زيد : طين طبخ حتى كان كالآجر ; وعنه أن سجيلا اسم السماء الدنيا ; ذكره المهدوي ; وحكاه الثعلبي عن أبي العالية ; وعن عكرمة : أنه بحر معلق بين السماء والأرض منه نزلت الحجارة .
وقيل : هي جبال في السماء , وهي التي أشار الله تعالى إليها بقوله : " وينزل من السماء من جبال فيها من برد " [ النور : 43 ] .
وقيل : هو مما سجل لهم أي كتب لهم أن يصيبهم ; فهو في معنى سجين ; قال الله تعالى : " وما أدراك ما سجين .
كتاب مرقوم " [ المطففين : 8 - 9 ] قاله الزجاج واختاره .
وقيل : هو فعيل من أسجلته أي أرسلته فكأنها مرسلة عليهم .
وقيل : هو من أسجلته إذا أعطيته ; فكأنه عذاب أعطوه ; قال : من يساجلني يساجل ماجدا يملأ الدلو إلى عقد الكرب وقال أهل المعاني : السجيل والسجين الشديد من الحجر والضرب ; قال ابن مقبل : ورجلة يضربون البيض ضاحية ضربا تواصى به الأبطال سجينا