تفسير القرطبي
تفسير الآية رقم 109 من سورة النحل
للعلماء في " لا جرم " أقوال ; فقال الخليل وسيبويه : " لا جرم " بمعنى حق , ف " لا " و " جرم " عندهما كلمة واحدة , " وأن " عندهما في موضع رفع ; وهذا قول الفراء ومحمد بن يزيد ; حكاه النحاس .
قال المهدوي : وعن الخليل أيضا أن معناها لا بد ولا محالة , وهو قول الفراء أيضا ; ذكره الثعلبي .
وقال الزجاج : " لا " ها هنا نفي وهو رد لقولهم : إن الأصنام تنفعهم ; كأن المعنى لا ينفعهم ذلك , وجرم بمعنى كسب ; أي كسب ذلك الفعل لهم الخسران , وفاعل كسب مضمر , و " أن " منصوبة بجرم , كما تقول كسب جفاؤك زيدا غضبه عليك ; وقال الشاعر : نصبنا رأسه في جذع نخل بما جرمت يداه وما اعتدينا أي بما كسبت .
وقال الكسائي : معنى " لا جرم " لا صد ولا منع عن أنهم .
وقيل : المعنى لا قطع قاطع , فحذف الفاعل حين كثر استعماله ; والجرم القطع ; وقد جرم النخل واجترمه أي صرمه فهو جارم , وقوم جرم وجرام وهذا زمن الجرام والجرام , وجرمت صوف الشاة أي جززته , وقد جرمت منه أي أخذت منه ; مثل جلمت الشيء جلما أي قطعت , وجلمت الجزور أجلمها جلما إذا أخذت ما على عظامها من اللحم , وأخذت الشيء بجلمته - ساكنة اللام - إذا أخذته أجمع , وهذه جلمة الجزور - بالتحريك - أي لحمها أجمع ; قاله الجوهري .
قال النحاس : وزعم الكسائي أن فيها أربع لغات : لا جرم , ولا عن ذا جرم ; ولا أن ذا جرم , قال : وناس من فزارة يقولون : لا جر أنهم بغير ميم .
وحكى الفراء فيه لغتين أخريين قال : بنو عامر يقولون لا ذا جرم , قال : وناس من العرب .
يقولون : لا جرم بضم الجيم .