تفسير القرطبي
تفسير الآية رقم 88 من سورة مريم
قوله تعالى : وقالوا اتخذ الرحمن ولدا يعني اليهود والنصارى ، ومن زعم أن الملائكة بنات الله . وقرأ يحيى وحمزة والكسائي وعاصم وخلف : ولدا بضم الواو وإسكان اللام ، في أربعة مواضع : من هذه السورة قوله تعالى : ( لأوتين مالا وولدا ) وقد تقدم قوله ، وقوله : ( أن دعوا للرحمن ولدا وما ينبغي للرحمن أن يتخذ ولدا ) . وفي سورة نوح ( ماله وولده ) ووافقهم في ( نوح ) خاصة ابن كثير ومجاهد وحميد وأبو عمرو ويعقوب . والباقون في الكل بالفتح في الواو واللام وهما لغتان مثل العرب والعرب والعجم والعجم قال :
ولقد رأيت معاشرا قد ثمروا مالا وولدا
وقال آخر :
وليت فلانا كان في بطن أمه وليت فلانا كان ولد حمار
وقال في معنى ذلك النابغة :
مهلا فداء لك الأقوام كلهم وما أثمر من مال ومن ولد
ففتح . وقيس يجعلون الولد بالضم جمعا والولد بالفتح واحدا . قال الجوهري : الولد قد يكون واحدا وجمعا ، وكذلك الولد بالضم . ومن أمثال بني أسد : ولدك من دمى عقبيك . وقد يكون الولد جمع الولد مثل أسد وأسد : والولد بالكسر لغة في الولد . النحاس وفرق أبو عبيدة بينهما فزعم أن الولد يكون للأهل والولد جميعا قال أبو جعفر وهذا قول مردود لا يعرفه أحد من أهل اللغة ولا يكون الولد والولد إلا ولد الرجل ، وولد ولده ، إلا أن ولدا أكثر في كلام العرب ؛ كما قال :
مهلا فداء لك الأقوام كلهم وما أثمر من مال ومن ولد
قال أبو جعفر وسمعت محمد بن الوليد يقول : يجوز أن يكون ولد جمع ولد كما يقال وثن ووثن وأسد وأسد ، ويجوز أن يكون ولد وولد بمعنى واحد كما يقال عجم وعجم وعرب وعرب كما تقدم .