تفسير القرطبي
تفسير الآية رقم 1 من سورة المؤمنون
قوله تعالى : قد أفلح المؤمنون روى البيهقي من حديث أنس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : لما خلق الله جنة عدن وغرس أشجارها بيده قال لها تكلمي فقالت : قد أفلح المؤمنون . وروى النسائي ، عن عبد الله بن السائب قال : حضرت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم الفتح فصلى في قبل الكعبة ، فخلع نعليه ، فوضعهما عن يساره ، فافتتح سورة المؤمنين ، فلما جاء ذكر موسى أو عيسى عليهما السلام أخذته سعلة فركع . خرجه مسلم بمعناه . وفي الترمذي ، عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قال : كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا أنزل عليه الوحي سمع عند وجهه كدوي النحل ؛ وأنزل عليه يوما فمكثنا ساعة فسري عنه فاستقبل القبلة فرفع يديه وقال : اللهم زدنا ولا تنقصنا وأرضنا وارض عنا - ثم قال : أنزل علي عشر آيات من أقامهن دخل الجنة - ثم قرأ - قد أفلح المؤمنون حتى ختم عشر آيات ؛ صححه ابن العربي . وقال النحاس : معنى من أقامهن من أقام عليهن ولم يخالف ما فيهن ؛ كما تقول : فلان يقوم بعمله . ثم نزل بعد هذه الآيات فرض الوضوء والحج فدخل معهن . وقرأ طلحة بن مصرف قد أفلح المؤمنون بضم الألف على الفعل المجهول ؛ أي أبقوا في الثواب والخير . وقد مضى في أول ( البقرة ) معنى الفلاح لغة ومعنى ، والحمد لله وحده .