تفسير القرطبي
تفسير الآية رقم 13 من سورة العنكبوت
وليحملن أثقالهم وأثقالا مع أثقالهم يعني ما يحمل عليهم من سيئات من ظلموه بعد فراغ حسناتهم . روي معناه عن النبي صلى الله عليه وسلم وقد تقدم في ( آل عمران ) . قال أبو أمامة الباهلي : يؤتى بالرجل يوم القيامة وهو كثير الحسنات فلا يزال يقتص منه حتى تفنى حسناته ثم يطالب فيقول الله عز وجل اقتصوا من عبدي فتقول الملائكة ما بقيت له حسنات فيقول خذوا من سيئات المظلوم فاجعلوا عليه ثم تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم وليحملن أثقالهم وأثقالا مع أثقالهم . وقال قتادة : من دعا إلى ضلالة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها ولا ينقص من أوزارهم شيء . ونظيره قوله تعالى : ليحملوا أوزارهم كاملة يوم القيامة ومن أوزار الذين يضلونهم بغير علم . ونظير هذا قوله عليه السلام : من سن في الإسلام سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها بعده من غير أن ينقص من أوزارهم شيء روي من حديث أبي هريرة وغيره وقال الحسن قال النبي صلى الله عليه وسلم : من دعا إلى هدى فاتبع عليه وعمل به فله مثل أجور من اتبعه ولا ينقص ذلك من أجورهم شيئا ، وأيما داع دعا إلى ضلالة فاتبع عليها وعمل بها بعده فعليه مثل أوزار من عمل بها ممن اتبعه لا ينقص ذلك من أوزارهم شيئا .
قلت : هذا مرسل وهو معنى حديث أبي هريرة خرجه مسلم . ونص حديث أنس بن مالك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : أيما داع دعا إلى ضلالة فاتبع فإن له مثل أوزار من اتبعه ولا ينقص من أوزرهم شيئا ، وأيما داع دعا إلى هدى فاتبع فإن له مثل أجور من اتبعه ولا ينقص من أجورهم شيئا خرجه ابن ماجه في السنن وفي الباب عن أبي جحيفة وجرير . وقد قيل : إن المراد أعوان الظلمة وقيل أصحاب البدع إذا اتبعوا عليها . وقيل : محدثو السنن الحادثة إذا عمل بها من بعدهم والمعنى متقارب والحديث يجمع ذلك كله .