تفسير القرطبي
تفسير الآية رقم 7 من سورة سبأ
قوله تعالى : وقال الذين كفروا هل ندلكم على رجل ينبئكم إذا مزقتم كل ممزق إنكم لفي خلق جديد .
قوله تعالى : وقال الذين كفروا هل ندلكم على رجل وإن شئت أدغمت اللام في النون لقربها منها ! ينبئكم إذا مزقتم كل ممزق هذا إخبار عمن قال : لا تأتينا الساعة أي هل نرشدكم إلى رجل ينبئكم ، أي يقول لكم : إنكم تبعثون بعد البلى في القبور . وهذا صادر عن فرط إنكارهم . الزمخشري : فإن قلت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مشهورا علما في قريش ، وكان إنباؤه بالبعث شائعا عندهم ، فما معنى قولهم : هل ندلكم على رجل ينبئكم فنكروه لهم وعرضوا عليهم الدلالة عليه ، كما يدل على مجهول في أمر مجهول . قلت : كانوا يقصدون بذلك الطنز والهزؤ والسخرية ، فأخرجوه مخرج التحكي ببعض الأحاجي التي يتحاجى بها للضحك والتلهي ، متجاهلين به وبأمره . و ( إذا ) في موضع نصب والعامل فيها مزقتم قاله النحاس . ولا يجوز أن يكون العامل فيها ( ينبئكم ) ، لأنه ليس يخبرهم ذلك الوقت . ولا يجوز أن يكون العامل فيها ما بعد ( إن ) ، لأنه لا يعمل فيما قبله ، وألا يتقدم عليها ما بعدها ومعمولها . وأجاز الزجاج أن يكون العامل فيها محذوفا ; التقدير : إذا مزقتم كل ممزق بعثتم ، أو ( ينبئكم ) بأنكم تبعثون إذا مزقتم . المهدوي : ولا يعمل فيه مزقتم ; لأنه مضاف إليه ، والمضاف إليه لا يعمل في المضاف . وأجازه بعضهم على أن يجعل ( إذا ) للمجازاة ، فيعمل فيها حينئذ ما بعدها لأنها غير مضافة إليه . وأكثر ما تقع ( إذا ) للمجازاة في الشعر . ومعنى مزقتم كل ممزق فرقتم كل تفريق . والمزق خرق الأشياء ; يقال : ثوب مزيق وممزوق ومتمزق وممزق .