تفسير القرطبي
تفسير الآية رقم 68 من سورة النساء
أصل الصراط في كلام العرب الطريق ; قال عامر بن الطفيل : شحنا أرضهم بالخيل حتى تركناهم أذل من الصراط وقال جرير : أمير المؤمنين على صراط إذا اعوج الموارد مستقيم وقال آخر : فصد عن نهج الصراط الواضح حكى النقاش : الصراط الطريق بلغة الروم ; فقال ابن عطية : وهذا ضعيف جدا .
وقرئ : السراط ( بالسين ) من الاستراط بمعنى الابتلاع ; كأن الطريق يسترط من يسلكه .
وقرئ بين الزاي والصاد .
وقرئ بزاي خالصة والسين الأصل .
وحكى سلمة عن الفراء قال : الزراط بإخلاص الزاي لغة لعذرة وكلب وبني القين , قال : وهؤلاء يقولون [ في أصدق ] : أزدق .
وقد قالوا الأزد والأسد ولسق به ولصق به .
و " الصراط " نصب على المفعول الثاني ; لأن الفعل من الهداية يتعدى إلى المفعول الثاني بحرف جر ; قال الله تعالى : " فاهدوهم إلى صراط الجحيم " .
[ الصافات : 23 ] .
وبغير حرف كما في هذه الآية .
" المستقيم " صفة ل " الصراط " وهو الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف ; ومنه قوله تعالى : " وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه " [ الأنعام : 153 ] وأصله مستقوم , نقلت الحركة إلى القاف وانقلبت الواو ياء لانكسار ما قبلها .