تفسير القرطبي
تفسير الآية رقم 49 من سورة غافر
قوله تعالى : وقال الذين في النار من الأمم الكافرة . ومن العرب من يقول اللذون على أنه جمع مسلم معرب ، ومن قال : الذين في الرفع بناه كما كان في الواحد مبنيا . وقال الأخفش : ضمت النون إلى الذي فأشبه خمسة عشر فبني على الفتح . لخزنة جهنم خزنة جمع خازن ويقال : خزان وخزن . ادعوا ربكم يخفف عنا يوما من العذاب يخفف جواب مجزوم وإن كان بالفاء كان منصوبا ، إلا أن الأكثر في كلام العرب في جواب الأمر وما أشبهه أن يكون بغير فاء ، وعلى هذا جاء القرآن بأفصح اللغات كما قال [ امرؤ القيس ] :
قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل
قال محمد بن كعب القرظي : بلغني أو ذكر لي أن أهل النار استغاثوا بالخزنة ، فقال الله تعالى : وقال الذين في النار لخزنة جهنم ادعوا ربكم يخفف عنا يوما من العذاب فسألوا يوما واحدا يخفف عنهم فيه العذاب ، فردت عليهم أولم تك تأتيكم رسلكم بالبينات قالوا بلى قالوا فادعوا وما دعاء الكافرين إلا في ضلال الخبر بطوله .
وفي الحديث عن أبي الدرداء خرجه الترمذي وغيره قال : يلقى على أهل النار الجوع حتى يعدل ما هم فيه من العذاب ، فيستغيثون منه فيغاثون بالضريع لا يسمن ولا يغني من جوع ، فيأكلونه لا يغني عنهم شيئا ، فيستغيثون فيغاثون بطعام ذي غصة فيغصون به ، فيذكرون أنهم كانوا في الدنيا يجيزون الغصص بالماء ، فيستغيثون بالشراب فيرفع لهم الحميم بالكلاليب ، فإذا دنا من وجوههم شواها ، فإذا وقع في بطونهم قطع أمعاءهم وما في بطونهم ، فيستغيثون بالملائكة يقولون : ادعوا ربكم يخفف عنا يوما من العذاب فيجيبوهم أولم تك تأتيكم رسلكم بالبينات قالوا بلى قالوا فادعوا وما دعاء الكافرين إلا في ضلال