تفسير القرطبي
تفسير الآية رقم 24 من سورة محمد
قوله تعالى : أفلا يتدبرون القرآن أي يتفهمونه فيعلمون ما أعد الله للذين لم يتولوا عن الإسلام . أم على قلوب أقفالها أي بل على قلوب أقفال أقفلها الله - عز وجل - عليهم فهم لا يعقلون . وهذا يرد على القدرية والإمامية مذهبهم . وفي حديث مرفوع أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : [ إن عليها أقفالا كأقفال الحديد حتى يكون الله يفتحها ] . وأصل القفل اليبس والصلابة . ويقال لما يبس من الشجر : القفل . والقفيل مثله . والقفيل أيضا نبت . والقفيل : الصوت . قال الراجز :
لما أتاك يابسا قرشبا قمت إليه بالقفيل ضربا
كيف قريت شيخك الأزبا
القرشب ( بكسر القاف ) المسن ، عن الأصمعي . وأقفله الصوم أي : أيبسه ، قاله القشيري والجوهري . فالأقفال هاهنا إشارة إلى ارتجاج القلب وخلوه عن الإيمان . أي : لا يدخل قلوبهم الإيمان ولا يخرج منها الكفر ; لأن الله تعالى طبع على قلوبهم وقال : على قلوب لأنه لو قال على قلوبهم لم يدخل قلب غيرهم في هذه الجملة . والمراد أم على قلوب هؤلاء وقلوب من كانوا بهذه الصفة أقفالها .