تفسير القرطبي

تفسير الآية رقم 3 من سورة الطور

وكان كل كتاب في رق ينشره أهله لقراءته . وقال الكلبي : هو ما كتب الله لموسى بيده من التوراة وموسى يسمع صرير القلم . وقال الفراء : هو صحائف الأعمال ; فمن آخذ كتابه بيمينه ، ومن آخذ كتابه بشماله ; نظيره : ونخرج له يوم القيامة كتابا يلقاه منشورا وقوله : وإذا الصحف نشرت . وقيل : إنه الكتاب الذي كتبه الله تعالى لملائكته في السماء يقرءون فيه ما كان وما يكون . وقيل : المراد ما كتب الله في قلوب الأولياء من المؤمنين ; بيانه : أولئك كتب في قلوبهم الإيمان .
قلت : وفي هذا القول تجوز ; لأنه عبر بالقلوب عن الرق . قال المبرد : الرق ما رقق من الجلد ليكتب فيه ، والمنشور المبسوط . وكذا قال الجوهري في الصحاح ، قال : والرق بالفتح ما يكتب فيه وهو جلد رقيق . ومنه قوله تعالى : في رق منشور والرق أيضا العظيم من السلاحف . قال أبو عبيدة : وجمعه رقوق . والمعنى المراد ما قاله الفراء ; والله أعلم . وكل صحيفة فهي رق لرقة حواشيها ; ومنه قول المتلمس :
فكأنما هي من تقادم عهدها رق أتيح كتابها مسطور
وأما الرق بالكسر فهو الملك ; يقال : عبد مرقوق . وحكى الماوردي عن ابن عباس : أن الرق بالفتح ما بين المشرق والمغرب .