تفسير القرطبي
تفسير الآية رقم 29 من سورة القمر
قوله تعالى : فنادوا صاحبهم يعني بالحض على عقرها فتعاطى عقرها فعقرها ، ومعنى تعاطى تناول الفعل ; من قولهم : عطوت أي تناولت ; ومنه قول حسان :
كلتاهما حلب العصير فعاطني بزجاجة أرخاهما للمفصل
قال محمد بن إسحاق : فكمن لها في أصل شجرة على طريقها فرماها بسهم فانتظم به عضلة ساقها ، ثم شد عليها بالسيف فكشف عرقوبها ، فخرت ورغت رغاءة واحدة تحدر سقبها من بطنها ثم نحرها ، وانطلق سقبها حتى أتى صخرة في رأس جبل فرغا ثم لاذ بها ، فأتاهم صالح عليه السلام ; فلما رأى الناقة قد عقرت بكى وقال : قد انتهكتم حرمة الله فأبشروا بعذاب الله . وقد مضى في ( الأعراف ) بيان هذا المعنى . قال ابن عباس : وكان الذي عقرها أحمر أزرق أشقر أكشف أقفى . ويقال في اسمه قدار بن سالف . وقال الأفوه الأودي :
أو قبله كقدار حين تابعه على الغواية أقوام فقد بادوا
والعرب تسمي الجزار قدارا تشبيها بقدار بن سالف مشئوم آل ثمود ; قال مهلهل :
إنا لنضرب بالسيوف رءوسهم ضرب القدار نقيعة القدام
وذكره زهير فقال :
فتنتج لكم غلمان أشأم كلهم كأحمر عاد ثم ترضع فتفطم
يريد الحرب ; فكنى عن ثمود بعاد .