تفسير القرطبي
تفسير الآية رقم 37 من سورة الرحمن
قوله تعالى : فإذا انشقت السماء أي : انصدعت يوم القيامة فكانت وردة كالدهان الدهان الدهن ، عن مجاهد والضحاك وغيرهما . والمعنى أنها صارت في صفاء الدهن ، والدهان على هذا جمع دهن . وقال سعيد بن جبير وقتادة : المعنى : فكانت حمراء . وقيل : المعنى تصير في حمرة الورد وجريان الدهن ، أي تذوب مع الانشقاق حتى تصير حمراء من حرارة نار جهنم ، وتصير مثل الدهن لرقتها وذوبانها . وقيل : الدهان الجلد الأحمر الصرف ، ذكره أبو عبيد والفراء . أي تصير السماء حمراء كالأديم لشدة حر النار . ابن عباس : المعنى فكانت كالفرس الورد ، يقال للكميت : ورد إذا كان يتلون بألوان مختلفة . قال ابن عباس : الفرس الورد ، في الربيع كميت أصفر ، وفي أول الشتاء كميت أحمر ، فإذا اشتد الشتاء كان كميتا أغبر . وقال الفراء : أراد الفرس الوردية ، تكون في الربيع وردة إلى الصفرة ، فإذا اشتد البرد كانت وردة حمراء ، فإذا كان بعد ذلك كانت وردة إلى الغبرة ، فشبه تلون السماء بتلون الورد من الخيل . وقال الحسن : كالدهان أي كصب الدهن فإنك إذا صببته ترى فيه ألوانا . وقال زيد بن أسلم : المعنى أنها تصير كعكر الزيت ، وقيل : المعنى أنها تمر وتجيء . قال الزجاج : أصل الواو والراء والدال للمجيء والإتيان . وهذا قريب مما قدمناه من أن الفرس الوردة تتغير ألوانها . وقال قتادة : إنها اليوم خضراء وسيكون لها لون أحمر ، حكاه الثعلبي . وقال الماوردي : وزعم المتقدمون أن أصل لون السماء الحمرة ، وأنها لكثرة الحوائل وبعد المسافة ترى بهذا اللون الأزرق ، وشبهوا ذلك بعروق البدن ، وهي حمراء كحمرة الدم وترى بالحائل زرقاء ، فإن كان هذا صحيحا فإن السماء لقربها من النواظر يوم القيامة وارتفاع الحواجز ترى حمراء ، لأنه أصل لونها . والله أعلم .