تفسير القرطبي
تفسير الآية رقم 32 من سورة القلم
عسى ربنا أن يبدلنا خيرا منها تعاقدوا وقالوا : إن أبدلنا الله خيرا منها لنصنعن كما صنعت آباؤنا ; فدعوا الله وتضرعوا فأبدلهم الله من ليلتهم ما هو خير منها ، وأمر جبريل أن يقتلع تلك الجنة المحترقة فيجعلها بزغر من أرض الشام ، ويأخذ من الشام جنة فيجعلها مكانها . وقال ابن مسعود : إن القوم أخلصوا وعرف الله منهم صدقهم فأبدلهم جنة يقال لها الحيوان ، فيها عنب يحمل البغل منها عنقودا واحدا . وقال اليماني أبو خالد : دخلت تلك الجنة فرأيت كل عنقود منها كالرجل الأسود القائم . وقال الحسن : قول أهل الجنة :
إنا إلى ربنا راغبون لا أدري إيمانا كان ذلك منهم أو على حد ما يكون من المشركين إذا أصابتهم الشدة ; فيوقف في كونهم مؤمنين . وسئل قتادة عن أصحاب الجنة : أهم من أهل الجنة أم من أهل النار ؟ فقال : لقد كلفتني تعبا . والمعظم يقولون : إنهم تابوا وأخلصوا ; حكاه القشيري . وقراءة العامة " يبدلنا " بالتخفيف . وقرأ أهل المدينة وأبو عمرو بالتشديد ، وهما لغتان . وقيل : التبديل تغيير الشيء أو تغيير حاله وعين الشيء قائم . والإبدال رفع الشيء ووضع آخر مكانه . وقد مضى في سورة " النساء " القول في هذا .