تفسير القرطبي

تفسير الآية رقم 43 من سورة القلم

خاشعة أبصارهم أي ذليلة متواضعة ; ونصبها على الحال .
" ترهقهم ذلة " وذلك أن المؤمنين يرفعون رءوسهم ووجوههم أشد بياضا من الثلج . وتسود وجوه المنافقين والكافرين حتى ترجع أشد سوادا من القار .
قلت : معنى حديث أبي موسى وابن مسعود ثابت في صحيح مسلم من حديث أبي سعيد الخدري وغيره .
قوله تعالى : وقد كانوا يدعون إلى السجود أي في الدنيا .
" وهم سالمون " معافون أصحاء . قال إبراهيم التيمي : أي يدعون بالأذان والإقامة فيأبونه . وقال سعيد بن جبير : كانوا يسمعون حي على الفلاح فلا يجيبون . وقال كعب الأحبار : والله ما نزلت هذه الآية إلا في الذين يتخلفون عن الجماعات . وقيل : أي بالتكليف الموجه عليهم في الشرع ; والمعنى متقارب . وقد مضى في سورة " البقرة " الكلام في وجوب صلاة الجماعة . وكان الربيع بن خيثم قد فلج وكان يهادى بين الرجلين إلى المسجد ; فقيل : يا أبا يزيد ، لو صليت في بيتك لكانت لك رخصة . فقال : من سمع حي على الفلاح فليجب ولو حبوا . وقيل لسعيد بن المسيب : إن طارقا يريد قتلك فتغيب . فقال : أبحيث لا يقدر الله علي ؟ فقيل له : اجلس في بيتك . فقال : أسمع حي على الفلاح ، فلا أجيب !