تفسير القرطبي

تفسير الآية رقم 129 من سورة الأعراف

قوله تعالى قالوا أوذينا من قبل أن تأتينا ومن بعد ما جئتنا قال عسى ربكم أن يهلك عدوكم ويستخلفكم في الأرض فينظر كيف تعملون
قوله تعالى قالوا أوذينا من قبل أن تأتينا أي في ابتداء ولادتك بقتل الأبناء واسترقاق النساء ومن بعد ما جئتنا أي والآن أعيد علينا ذلك ; يعنون الوعيد الذي كان من فرعون . وقيل : الأذى من قبل تسخيرهم لبني إسرائيل في أعمالهم إلى نصف النهار ، وإرسالهم بقيته ليكتسبوا لأنفسهم . والأذى من بعد : تسخيرهم جميع النهار كله بلا طعام ولا شراب ; قاله جويبر . وقال الحسن : الأذى من قبل ومن بعد واحد ، وهو أخذ الجزية .
قال عسى ربكم أن يهلك عدوكم ويستخلفكم في الأرض " عسى " من الله واجب ; جدد لهم الوعد وحققه . وقد استخلفوا في مصر في زمان داود وسليمان عليهما السلام ، وفتحوا بيت المقدس مع يوشع بن نون ; كما تقدم . وروي أنهم قالوا ذلك حين خرج بهم موسى وتبعهم فرعون فكان وراءهم والبحر أمامهم ، فحقق الله الوعيد بأن غرق فرعون وقومه وأنجاهم .
فينظر كيف تعملون أي يرى ذلك العمل الذي يجب به الجزاء ; لأن الله لا يجازيهم على ما يعلمه منهم ; إنما يجازيهم على ما يقع منهم .