تفسير القرطبي

تفسير الآية رقم 18 من سورة المزمل

قوله تعالى : السماء منفطر به أي متشققة لشدته . ومعنى ( به ) أي فيه ; أي في ذلك اليوم لهوله . هذا أحسن ما قيل فيه . ويقال : مثقلة به إثقالا يؤدي إلى انفطارها لعظمته عليها وخشيتها من وقوعه ، كقوله تعالى : ثقلت في السماوات والأرض . وقيل : به أي له ، أي لذلك اليوم ; يقال : فعلت كذا بحرمتك ولحرمتك ، والباء واللام وفي متقاربة في مثل هذا الموضع ; قال الله تعالى : ونضع الموازين القسط ليوم القيامة أي في يوم القيامة . وقيل : به أي بالأمر أي السماء منفطر بما يجعل الولدان شيبا . وقيل : منفطر بالله ، أي بأمره ، وقال أبو عمرو بن العلاء : لم يقل منفطرة ; لأن مجازها السقف ; تقول : هذا سماء البيت ; قال الشاعر :
فلو رفع السماء إليه قوما لحقنا بالسماء وبالسحاب
وفي التنزيل : وجعلنا السماء سقفا محفوظا . وقال الفراء : السماء يذكر ويؤنث . وقال أبو علي : هو من باب الجراد المنتشر ، والشجر الأخضر ، و ( أعجاز نخل منقعر ) . وقال أبو علي أيضا : أي السماء ذات انفطار ; كقولهم : امرأة مرضع ، أي ذات إرضاع ، فجرى على طريق النسب . كان وعده أي بالقيامة والحساب والجزاء مفعولا كائنا لا شك فيه ولا خلف . وقال مقاتل : كان وعده بأن يظهر دينه على الدين كله .