تفسير القرطبي
تفسير الآية رقم 7 من سورة الفجر
و إرم قيل هو سام بن نوح قاله ابن إسحاق . وروى عطاء عن ابن عباس - وحكى عن ابن إسحاق أيضا - قال : عاد بن إرم . فإرم على هذا أبو عاد ، وعاد بن إرم بن عوص بن سام بن نوح . وعلى القول الأول : هو اسم جد عاد . قال ابن إسحاق : كان سام بن نوح له أولاد ، إرم بن سام ، وأرفخشذ بن سام . فمن ولد إرم بن سام العمالقة والفراعنة والجبابرة والملوك الطغاة والعصاة . وقال مجاهد : إرم أمة من الأمم . وعنه أيضا : أن معنى إرم : القديمة ، ورواه ابن أبي نجيح . وعن مجاهد أيضا أن معناها القوية . وقال قتادة : هي قبيلة من عاد . وقيل : هما عادان . فالأولى هي إرم قال الله - عز وجل - : وأنه أهلك عادا الأولى . فقيل لعقب عاد بن عوص بن إرم بن سام بن نوح : عاد كما يقال لبني هاشم : هاشم . ثم قيل للأولين منهم : عاد الأولى ، وإرم : تسمية لهم باسم جدهم . ولمن بعدهم : عاد الأخيرة . قال ابن الرقيات :
مجدا تليدا بناه أولهم أدرك عادا وقبله إرما
وقال معمر : إرم : إليه مجمع عاد وثمود . وكان يقال : عاد إرم ، وعاد ثمود . وكانت القبائل تنتسب إلى إرم ذات العماد التي لم يخلق مثلها في البلاد قال ابن عباس في رواية عطاء : كان الرجل منهم طوله خمسمائة ذراع ، والقصير منهم طوله ثلثمائة ذراع بذراع نفسه . وروي عن ابن عباس أيضا أن طول الرجل منهم كان سبعين ذراعا . ابن العربي : وهو باطل ; لأن في الصحيح : إن الله خلق آدم طوله ستون ذراعا في الهواء ، فلم يزل الخلق ينقص إلى الآن . وزعم قتادة : أن طول الرجل منهم اثنا عشر ذراعا . قال أبو عبيدة : ذات العماد ذات الطول . يقال : رجل معمد إذا كان طويلا . ونحوه عن ابن عباس ومجاهد . وعن قتادة أيضا : كانوا عمادا لقومهم يقال : فلان عميد القوم وعمودهم : أي سيدهم . وعنه أيضا : قيل لهم ذلك ; لأنهم كانوا ينتقلون بأبياتهم للانتجاع ، وكانوا أهل خيام وأعمدة ، ينتجعون الغيوث ، ويطلبون الكلأ ، ثم يرجعون إلى منازلهم . وقيل : ذات العماد أي ذات الأبنية المرفوعة على العمد . وكانوا ينصبون الأعمدة ، فيبنون عليها القصور . قال ابن زيد : ذات العماد يعني إحكام البنيان بالعمد . وفي الصحاح : والعماد : الأبنية الرفيعة ، تذكر وتؤنث . قال عمرو بن كلثوم :
ونحن إذا عماد الحي خرت على الأحفاض نمنع من يلينا
والواحدة عمادة . وفلان طويل العماد : إذا كان منزله معلما لزائره . والأحفاض : جمع حفض ( بالتحريك ) وهو متاع البيت إذا هيئ ليحمل أي خرت على المتاع . ويروى ( عن الأحفاض ) أي خرت عن الإبل التي تحمل خرثي البيت . وقال الضحاك : ذات العماد ذات القوة والشدة ، مأخوذ من قوة الأعمدة دليله قوله تعالى : وقالوا من أشد منا قوة . وروى عوف عن خالد الربعي إرم ذات العماد قال : هي دمشق . وهو قول عكرمة وسعيد المقبري . رواه ابن وهب وأشهب عن مالك . وقال محمد بن كعب القرظي : هي الإسكندرية .