تفسير القرطبي
تفسير الآية رقم 14 من سورة الشمس
فكذبوه أي كذبوا صالحا - عليه السلام - في قوله لهم : " إنكم تعذبون إن عقرتموها " .
فعقروها أي عقرها الأشقى . وأضيف إلى الكل ; لأنهم رضوا بفعله . وقال قتادة : ذكر لنا أنه لم يعقرها حتى تابعه صغيرهم وكبيرهم ، ذكرهم وأنثاهم . وقال الفراء : عقرها اثنان : والعرب تقول : هذان أفضل الناس ، وهذان خير الناس ، وهذه المرأة أشقى القوم فلهذا لم يقل : أشقياها .
قوله تعالى : فدمدم عليهم ربهم بذنبهم أي أهلكهم وأطبق عليهم العذاب بذنبهم الذي هو الكفر والتكذيب والعقر . وروى الضحاك عن ابن عباس قال : دمدم عليهم قال : دمر عليهم ربهم بذنبهم أي بجرمهم . وقال الفراء : دمدم أي أرجف . وحقيقة الدمدمة تضعيف العذاب وترديده . ويقال : دممت على الشيء أي أطبقت عليه ، ودمم عليه القبر : أطبقه . وناقة مدومة : ألبسها الشحم . فإذا كررت الإطباق قلت : دمدمت . والدمدمة : إهلاك باستئصال قاله المؤرج . وفي الصحاح : ودمدمت الشيء : إذا ألزقته بالأرض وطحطحته . ودمدم الله عليهم : أي أهلكهم . القشيري : وقيل دمدمت على الميت التراب : أي سويت عليه . فقوله : فدمدم عليهم أي أهلكهم ، فجعلهم تحت التراب .
فسواها أي سوى عليهم الأرض . وعلى الأول فسواها أي فسوى الدمدمة والإهلاك عليهم . وذلك أن الصيحة أهلكتهم ، فأتت على صغيرهم وكبيرهم .
وقال ابن الأنباري : دمدم أي غضب . والدمدمة : الكلام الذي يزعج الرجل . وقال بعض اللغويين : الدمدمة : الإدامة تقول العرب : ناقة مدمدمة أي سمينة .
وقيل : فسواها أي فسوى الأمة في إنزال العذاب بهم ، صغيرهم وكبيرهم ، وضيعهم وشريفهم ، وذكرهم وأنثاهم . وقرأ ابن الزبير ( فدهدم ) وهما ، لغتان كما يقال : امتقع لونه وانتقع .