تفسير القرطبي
تفسير الآية رقم 2 من سورة الشرح
قوله تعالى : ووضعنا عنك وزرك أي حططنا عنك ذنبك . وقرأ أنس ( وحللنا ، وحططنا ) . وقرأ ابن مسعود : ( وحللنا عنك وقرك ) . هذه الآية مثل قوله تعالى : ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر . قيل : الجميع كان قبل النبوة . والوزر : الذنب أي وضعنا عنك ما كنت فيه من أمر الجاهلية ; لأنه كان - صلى الله عليه وسلم - في كثير من مذاهب قومه ، وإن لم يكن عبد صنما ولا وثنا . قال قتادة والحسن والضحاك : كانت للنبي - صلى الله عليه وسلم - ذنوب أثقلته فغفرها الله له الذي أنقض ظهرك أي أثقله حتى سمع نقيضه أي صوته . وأهل اللغة يقولون : أنقض الحمل ظهر الناقة : إذا سمعت له صريرا من شدة الحمل . وكذلك سمعت نقيض الرحل أي صريره . قال جميل :
وحتى تداعت بالنقيض حباله وهمت بواني زوره أن تحطما
بواني زوره : أي أصول صدره . فالوزر : الحمل الثقيل . قال المحاسبي : يعني ثقل الوزر لو لم يعف الله عنه - الذي أنقض ظهرك أي أثقله وأوهنه . قال : وإنما وصفت ذنوب ، الأنبياء بهذا الثقل ، مع كونها مغفورة ، لشدة اهتمامهم بها ، وندمهم منها ، وتحسرهم عليها .
وقال السدي : ووضعنا عنك وزرك أي وحططنا عنك ثقلك . وهي في قراءة عبد الله بن مسعود ( وحططنا عنك وقرك ) . وقيل : أي حططنا عنك ثقل آثام الجاهلية . قال الحسين بن المفضل : يعني الخطأ والسهو . وقيل : ذنوب أمتك ، أضافها إليه لاشتغال قلبه . بها . وقال عبد العزيز بن يحيى وأبو عبيدة : خففنا عنك أعباء النبوة والقيام بها ، حتى لا تثقل عليك . وقيل : كان في الابتداء يثقل عليه الوحي ، حتى كاد يرمي نفسه من شاهق الجبل ، إلى أن جاءه جبريل وأراه نفسه وأزيل عنه ما كان يخاف من تغير العقل . وقيل : عصمناك عن احتمال الوزر ، وحفظناك قبل النبوة في الأربعين من الأدناس حتى نزل عليك الوحي وأنت مطهر من الأدناس .