تفسير السعدي

تفسير الآية رقم 3 من سورة يونس

يقول تعالى مبينا لربوبيته وإلهيته وعظمته‏:‏ ‏{‏إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السموات وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ‏}‏ مع أنه قادر على خلقها في لحظة واحدة، ولكن لما له في ذلك من الحكمة الإلهية، ولأنه رفيق في أفعاله‏.‏
ومن جملة حكمته فيها، أنه خلقها بالحق وللحق، ليعرف بأسمائه وصفاته ويفرد بالعبادة‏.‏
‏{‏ثُمَّ‏}‏ بعد خلق السماوات والأرض ‏{‏اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ‏}‏ استواء يليق بعظمته‏.‏
‏{‏يُدَبِّرُ الْأَمْرَ‏}‏ في العالم العلوي والسفلي من الإماتة والإحياء، وإنزال الأرزاق، ومداولة الأيام بين الناس، وكشف الضر عن المضرورين، وإجابة سؤال السائلين‏.‏
فأنواع التدابير نازلة منه وصاعدة إليه، وجميع الخلق مذعنون لعزه خاضعون لعظمته وسلطانه‏.‏
‏{‏مَا مِنْ شَفِيعٍ إِلَّا مِنْ بَعْدِ إِذْنِهِ‏}‏ فلا يقدم أحد منهم على الشفاعة، ولو كان أفضل الخلق، حتى يأذن الله ولا يأذن، إلا لمن ارتضى، ولا يرتضي إلا أهل الإخلاص والتوحيد له‏.‏
‏{‏ذَلِكُمْ‏}‏ الذي هذا شأنه ‏{‏اللَّهُ رَبُّكُمْ‏}‏ أي‏:‏ هو الله الذي له وصف الإلهية الجامعة لصفات الكمال، ووصف الربوبية الجامع لصفات الأفعال‏.‏
‏{‏فَاعْبُدُوهُ‏}‏ أي‏:‏ أفردوه بجميع ما تقدرون عليه من أنواع العبودية، ‏{‏أَفَلَا تَذَكَّرُونَ‏}‏ الأدلة الدالة على أنه وحده المعبود المحمود، ذو الجلال والإكرام‏.‏