تفسير السعدي

تفسير الآية رقم 73 من سورة يونس

‏{‏فَكَذَّبُوهُ‏}‏ بعد ما دعاهم ليلاً ونهارًا، سرًا وجهارًا، فلم يزدهم دعاؤه إلا فرارًا، ‏{‏فَنَجَّيْنَاهُ وَمَنْ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ‏}‏ الذي أمرناه أن يصنعه بأعيننا، وقلنا له إذا فار التنور‏:‏ فـ ‏{‏احْمِلْ فِيهَا مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ وَمَنْ آمَنَ‏}‏ ففعل ذلك‏.‏
فأمر الله السماء أن تمطر بماء منهمر وفجر الأرض عيونًا، فالتقى الماء على أمر قد قدر‏:‏ ‏{‏وَحَمَلْنَاهُ عَلَى ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ‏}‏ تجري بأعيننا، ‏{‏وَجَعَلْنَاهُمْ خَلَائِفَ‏}‏ في الأرض بعد إهلاك المكذبين‏.‏
ثم بارك الله في ذريته، وجعل ذريته، هم الباقين، ونشرهم في أقطار الأرض، ‏{‏وَأَغْرَقْنَا الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا‏}‏ بعد ذلك البيان، وإقامة البرهان، ‏{‏فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُنْذَرِينَ‏}‏ وهو‏:‏ الهلاك المخزي، واللعنة المتتابعة عليهم في كل قرن يأتي بعدهم، لا تسمع فيهم إلا لوما، ولا ترى إلا قدحًا وذمًا‏.‏
فليحذر هؤلاء المكذبون، أن يحل بهم ما حل بأولئك الأقوام المكذبين من الهلاك، والخزي، والنكال‏.‏