تفسير الطبري
تفسير الآية رقم 6 من سورة العاديات
وقوله: ( إِنَّ الإنْسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ )
يقول: إن الإنسان لكفور لنعم ربه. والأرض الكنود: التي لا تنبت شيئا, قال الأعشى:
أحْـدِثْ لَهَـا تُحْـدِثْ لِـوَصْلِكَ إنَّهـا
كُنُــدٌ لــوَصْلِ الزَّائِــرِ المُعْتـادِ (1)
وقيل: إنما سميت كندة: لقطعها أباها.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
ذكر من قال ذلك:
حدثني عبيد الله بن يوسف الجبيري, قال: ثنا محمد بن كثير, قال: ثنا مسلم, عن مجاهد, عن ابن عباس, قوله: ( إِنَّ الإنْسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ ) قال: لكفور.
حدثني محمد بن سعد, قال: ثني أبي, قال: ثني عمي, قال: ثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس: ( إِنَّ الإنْسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ ) قال: لربه لكفور.
حدثنا أبو كُرَيب, قال: ثنا وكيع, عن سفيان, عن منصور, عن مجاهد ( إِنَّ الإنْسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ ) قال: لكفور.
حدثنا ابن بشار, قال: ثنا عبد الرحمن, قال: ثنا سفيان, عن منصور, عن مجاهد, مثله.
حدثنا ابن حميد, قال: ثنا مهران, عن سفيان, عن منصور, عن مجاهد, مثله.
حدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, مثله.
حدثنا أبو كُرَيب, قال: ثنا وكيع, عن مهدي بن ميمون, عن شعيب بن الحبحاب, عن الحسن البصري: ( إِنَّ الإنْسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ ) قال: هو الكفور الذي يعد المصائب, وينسى نعم ربه.
حدثنا وكيع, عن أبي جعفر, عن الربيع, قال: الكنود: الكفور.
حدثنا ابن حميد, قال: ثنا مهران, عن سفيان, قال: قال الحسن: ( إِنَّ الإنْسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ ) يقول: لوام لربه يعد المصائب
حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: ثنا ابن ثور, عن معمر, عن الحسن ( لَكَنُودٌ ) قال: لكفور.
حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة ( إِنَّ الإنْسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ ) قال: لكفور.
حدثنا ابن حميد, قال: ثنا مهران, عن سعيد, عن قتادة, مثله.
حدثنا يحيى بن حبيب بن عربي, قال: ثنا خالد بن الحارث, قال: ثنا شعبة, عن سماك أنه قال: إنما سميت كندة: أنها قطعت أباها( إِنَّ الإنْسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ ) قال: لكفور.
حدثنا أبو كُرَيب, قال: ثنا عبيد الله, عن إسرائيل, عن جعفر بن الزبير, عن القاسم, عن أبي أمامة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إِنَّ الإنْسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ ) قال: " لَكَفُورٌ, الَّذِي يَأْكُلُ وَحْدَهُ وَيَضْرِبُ عَبْدَهُ, وَيَمْنَعُ رِفْدَهُ " .
حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله: ( إِنَّ الإنْسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ ) قال: الكنود: الكفور, وقرأ: ( إِنَّ الإنْسَانَ لَكَفُورٌ ) .
حدثنا الحسن بن علي بن عياش, قال: ثنا أبو المغيرة عبد القدوس, قال: ثنا حريز بن عثمان, قال: ثني حمزة بن هانيء, عن أبي أمامة أنه كان يقول: الكنود: الذي ينـزل وحده, ويضرب عبده, ويمنع رفده.
حدثني محمد بن إسماعيل الصوارى, قال: ثنا محمد بن سوار, قال: أخبرنا أبو اليقظان, عن سفيان عن هشام, عن الحسن, في قوله ( إِنَّ الإنْسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ ) قال: لوام لربه, يعد المصائب, وينسى النعم.
------------------------
الهوامش:
(1) البيت من شواهد أبي عبيدة في مجاز القرآن ( 189 ) قال : { إن الإنسان لربه لكنود } : لكفور . وكذلك الأرض الكنود التي لا تنبت شيئا . قال الأعشى : " أحدث لها ... " البيت . وفي ( اللسان : كند ) كند يكند كنودا : كفر النعمة . ورجل كناد ( كشداد ) وكنود . وقوله تعالى : { إن الإنسان لربه لكنود } قيل : هو الجحود ، وهو أحسن . وقيل : هو الذي يأكل وحده ، ويمنع رفده ، ويضرب عبده . قال ابن سيده في التعليق على هذا الأخير : ولا أعرف له في اللغة أصلا ، ولا يسوغ أيضا من قوله : { لربه } . وقيل : لكنود : لكفور بالنعمة . وقال الحسن : لوام لربه : يعد المصيبات ، وينسى النعم . وقال الزجاج : لكفور . يعني بذلك : الكافر . ا هـ .