تفسير الطبري
تفسير الآية رقم 1 من سورة التكاثر
القول في تأويل قوله جل ثناؤه وتقدست أسماؤه: أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ (1)
يقول تعالى ذكره: ألهاكم أيها الناس المباهاة بكثرة المال والعدد عن طاعة ربكم، وعما ينجيكم من سخطه عليكم.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ( أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ * حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ ) قال: كانوا يقولون: نحن أكثر من بني فلان، ونحن أعدّ من بني فلان، وهم كلّ يوم يتساقطون إلى آخرهم، والله ما زالوا كذلك حتى صاروا من أهل القبور كلهم.
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة ( أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ ) قالوا: نحن أكثر من بني فلان، وبنو فلان أكثر من بني فلان، ألهاهم ذلك حتى ماتوا ضلالا.
ورُوي عن النبيّ صلى الله عليه وسلم كلام يدلّ على أن معناه التكاثر بالمال.
* ذكر الخبر بذلك:
حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا وكيع، عن هشام الدستوائي، عن قتادة، عن مطرِّف بن عبد الله بن الشِّخِّير، عن أبيه أنه انتهى إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم ، وهو يقرأ: ( أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ * حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ ) قال: " ابن آدم، ليس لك من مال إلا ما أكلت فأفنيت، أو لبِست فأبليت، أو تصدّقت فأمضيت " .
حدثنا محمد بن خلف العسقلاني، قال: ثنا آدم، قال: ثنا حماد بن سلمة، عن ثابت البناني، عن أنس بن مالك، عن أُبيّ بن كعب، قال: كنا نرى أن هذا الحديث من القرآن: " لو أن لابن آدم واديين من مال، لتمنى واديا ثالثا، ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب، ثم يتوب الله على من تاب " حتى نـزلت هذه السورة: ( أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ ) إلى آخرها. وقوله صلى الله عليه وسلم بعقب قراءته " ألهاكم " ليس لك من مالك إلا كذا وكذا، ينبئ أن معنى ذلك عنده: ألهاكم التكاثر: المال.