تفسير الطبري

تفسير الآية رقم 99 من سورة هود

القول في تأويل قوله تعالى : وَأُتْبِعُوا فِي هَذِهِ لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ بِئْسَ الرِّفْدُ الْمَرْفُودُ (99)
قال أبو جعفر: يقول الله تعالى ذكره: وأتبعهم الله في هذه ، يعني في هذه الدنيا ، مع العذاب الذي عجله لهم فيها من الغرق في البحر، لعنتَه (1) ، (ويوم القيامة) ، يقول: وفي يوم القيامة أيضًا يلعنون لعنةً أخرى، كما:-
18536- حدثنا بن حميد قال ، حدثنا حكام، عن عنبسه عن محمد بن عبد الرحمن، عن القاسم بن أبي بزة، عن مجاهد: (وأتبعوا في هذه لعنة ويوم القيامة) ، قال: لعنةً أخرى.
18537- حدثني محمد بن عمرو قال ، حدثنا أبو عاصم قال ، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: (وأتبعوا في هذه لعنة ويوم القيامة) ، قال : زِيدوا بلعنته لعنةً أخرى، فتلك لعنتان.
18538- حدثني المثني قال ، حدثنا أبو حذيفة قال ، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: (وأتبعوا في هذه لعنة ويوم القيامة بئس الرفد المرفود) ، اللعنةُ في إثر اللعنة.
18539-. . . . قال، حدثنا إسحاق قال ، حدثنا عبد الله، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قوله: (وأتبعوا في هذه لعنة ويوم القيامة) ، قال: زيدوا لعنة أخرى، فتلك لعنتان.
18540- حدثنا القاسم قال ، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد: (في هذه) ، قال: في الدنيا ، (ويوم القيامة) ، أردفوا بلعنة أخرى ، زيدوها، فتلك لعنتان.
* * *
وقوله: (بئس الرفد المرفود) ، يقول: بئس العَوْن المُعان، اللعنةُ المزيدة فيها أخرى مثلها. (2)
* * *
وأصل " الرفد "، العون، يقال منه: " رفَد فلانٌ فلانًا عند الأمير يَرفِده رِفْدًا " بكسر الراء ، وإذا فتحت، فهو السَّقي في القدح العظيم، و " الرَّفد ": القدحُ الضخم، ومنه قول الأعشى:
رُبَّ رَفْــدٍ هَرَقْتَــهُ ذَلِــكَ الْيَـوْ
مَ وَأسْــرَى مِــنْ مَعْشَــرٍ أَقْتَـالِ (3)
ويقال: " رَفد فلان حائطه " ، وذلك إذا أسنده بخشبة ، لئلا يسقط. و " الرَّفد " ، بفتح الراء المصدر. يقال منه: " رَفَده يَرفِده رَفْدًا " ، و " الرِّفْد "، اسم الشيء الذي يعطاه الإنسان ، وهو " المَرْفَد ".
* * *
وينحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
*ذكر من قال ذلك:
18541- حدثني المثني قال ، حدثنا عبد الله قال، حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس قوله: (بئس الرفد المرفود) ، قال: لعنة الدنيا والآخرة.
18542- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال ، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة: (بئس الرفد المرفود)، قال: لعنهم الله في الدنيا، وزيد لهم فيها اللعنة في الآخرة.
18543- حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق، قال، أخبرنا معمر، عن قتادة في قوله: (ويوم القيامة بئس الرفد المرفود) ، قال: لعنة في الدنيا، وزيدوا فيها لعنةً في الآخرة .
18544- حدثنا بشر قال ، حدثنا يزيد قال ، حدثنا سعيد، عن قتادة: (وأتبعوا في هذه لعنة ويوم القيامة بئس الرفد المرفود) ، يقول: ترادفت عليهم اللعنتان من الله ، لعنة في الدنيا، ولعنة في الآخرة.
18545- حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا أبو خالد، عن جويبر، عن الضحاك، قال: أصابتهم لعنتان في الدنيا، رفدت إحداهما الأخرى، وهو قوله: (ويوم القيامة بئس الرفد المرفود).
--------------------
الهوامش :
(1) انظر تفسير " اللعنة " فيما سلف 12 : 447 ، تعليق : 2 ، والمراجع هناك .
(2) في المخطوطة والمطبوعة : " أخرى منها " ، وكأن الصواب ما أثبت .
(3) ديوانه : 13 ، من قصيدة طويلة من جياد شعره ، يمدح فيها الأسود بن المنذر اللخمي أخا النعمان بن المنذر ، الملك . وكان الأسود غزا الحليفين أسدًا وذبيان ، ثم أغار على الطف ، فأصاب نعمًا وأسرى وسبيًا من سعد بن ضبيعة ( رهط الأعشى ) ، وكان الأعشى غائبًا ، فلما قدم وجد الحي مباحًا ، فأتاه فأنشده ، وسأله أن يهب له الأسرى ويحملهم ، ففعل . يقول : رب رجل كانت له إبل يحلبها في قدح له ولعياله ، فاستقت الإبل ، وذهب ما كان يحلبه الرفد ، فكذلك هرقت ما حلب . " والأقتال " جمع " قتل " ( بكسر فسكون ) . و " القتل " ، القرن من الأعداء ، وهو أيضًا : المثل والنظير ، وقال الأصمعي في شرح البيت وقد نقلت ما سلف من شرح ديوانه : " أقتال " ، أشباه غير أعداء . وكان في المطبوعة والمخطوطة : " أقيال " ، وهو هنا خطأ .