تفسير الطبري
تفسير الآية رقم 64 من سورة المؤمنون
يقول تعالى ذكره: ولهؤلاء الكفار من قريش أعمال من دون ذلك هم لها عاملون، إلى أن يؤخذ أهل النَّعمة والبطر منهم بالعذاب. كما:
حدثنا يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد: ( إِذَا أَخَذْنَا مُتْرَفِيهِمْ بِالْعَذَابِ ) ، قال: المُتْرَفُون: العظماء.( إِذَا هُمْ يَجْأَرُونَ ) يقول: فإذا أخذناهم به جأروا، يقول: ضجُّوا واستغاثوا مما حلّ بهم من عذابنا، ولعلّ الجُؤار: رفع الصوت، كما يجأر الثور; ومنه قول الأعشى:
يــرَاوِحُ مِــنْ صَلَــوَاتِ المَـلِي
كِ طَـوْرًا سـجُودًا وَطَـوْرًا جـؤارا (2)
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
*ذكر من قال ذلك:
حدثني عليّ، قال: ثنا عبد الله، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس: ( إِذَا هُمْ يَجْأَرُونَ ) يقول: يستغيثون.
حدثنا ابن بشار، قال: ثنا يحيى وعبد الرحمن، قالا ثنا سفيان، عن علقمة بن قردد، عن مجاهد، في قوله: ( حَتَّى إِذَا أَخَذْنَا مُتْرَفِيهِمْ بِالْعَذَابِ إِذَا هُمْ يَجْأَرُونَ ) قال: بالسيوف يوم بدر.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن أبي جعفر، عن الربيع بن أنس، في قوله: ( إِذَا هُمْ يَجْأَرُونَ ) قال: يجزعون.
قال: ثنا حجاج، عن ابن جُرَيج: ( حَتَّى إِذَا أَخَذْنَا مُتْرَفِيهِمْ بِالْعَذَابِ ) قال: عذاب يوم بدر.( إِذَا هُمْ يَجْأَرُونَ ) قال: الذين بمكة.
حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: ( حَتَّى إِذَا أَخَذْنَا مُتْرَفِيهِمْ بِالْعَذَابِ ) يعني أهل بدر، أخذهم الله بالعذاب يوم بدر.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: سمعت ابن زيد يقول في قوله: (إِذَا هُمْ يَجْأَرُونَ) قال: يجزعون.
------------------------
الهوامش :
(2) البيت للأعشى ( ديوانه طبع القاهرة بشرح الدكتور محمد حسين ص 53) وهو من قصيدة يمدح بها الأعشى قيس بن معد يكرب . ويراوح بين العلمين : يتداول هذا مرة ، وهذا مرة . والجؤار : مصدر جأر إلى الله . إذا تضرع ورفع صوته . يقول : إن ممدوح مع ما وصف به من كرم وقوة ووفاء ، تقيٌّ يراقب ربه ، ويتضرع إليه ويجأر في صلواته . واستشهد به المؤلف على أن الجؤار : رفع الصوت كما يجأر الثور .