تفسير الطبري
تفسير الآية رقم 219 من سورة الشعراء
حدثني محمد بن سعد, قال: ثني أبي, قال: ثني عمي, قال: ثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس قوله: (وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ) يقول: قيامك وركوعك وسجودك.
حدثنا ابن بشار, قال: ثنا عبد الرحمن, قال: ثنا سفيان, قال: سمعت أبي وعليّ بن بذيمة يحدّثان عن عكرمة في قوله: (يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ * وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ) قال: قيامه وركوعه وسجوده.
حدثنا الحسن, قال: أخبرنا عبد الرزاق, قال: أخبرنا معمر, قال: قال عكرمة, في قوله: (وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ) قال: قائما وساجدا وراكعا وجالسا.
وقال آخرون: بل معنى ذلك: ويرى تقلبك في المصلين, وإبصارك منهم من هو خلفك, كما تبصر من هو بين يديك منهم.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن بشار, قال: ثنا عبد الرحمن, قال: ثنا سفيان, عن ليث, عن مجاهد : (وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ) كان يرى من خلفه, كما يرى من قدّامه.
حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال : ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, في قوله: (وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ) قال: المصلين كان يرى من خلفه في الصلاة.
حدثنا القاسم, قال: ثنا الحسين, قال: ثني حجاج, عن ابن جُرَيج, عن مجاهد, قوله: (وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ) قال: المصلين, قال: كان يرى في الصلاة من خلفه.
وقال آخرون: بل معنى ذلك: وتقلبك مع الساجدين: أي تصرفك معهم في الجلوس والقيام والقعود.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا القاسم, قال: ثنا الحسين, قال: ثني حجاج, قال: قال ابن جُرَيج: أخبرني عطاء الخراساني عن ابن عباس, قال: ( وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ ) قال: يراك وأنت مع الساجدين تقلب وتقوم وتقعد معهم.
حدثنا الحسن, قال: أخبرنا عبد الرزاق, قال: أخبرنا معمر, عن قتادة, في قوله: (وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ) قال: في المصلين.
حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله: (وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ ) قال: في الساجدين: المصلين.
وقال آخرون: بل معنى ذلك: ويرى تصرّفك في الناس.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن بشار, قال: ثنا يحيى, قال: ثنا ربيعة بن كلثوم, قال: سألت الحسن عن قوله: (وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ) قال: في الناس.
وقال آخرون: بل معنى ذلك: وتصرفك في أحوالك كما كانت الأنبياء من قبلك تفعله, والساجدون في قول قائل هذا القول: الأنبياء.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا أبو كُرَيب, قال: ثنا ابن يمان, عن أشعث, عن جعفر, عن سعيد, في قوله: (الَّذِي يَرَاكَ)... الآية, قال: كما كانت الأنبياء من قبلك.
قال أبو جعفر: وأولى الأقوال في ذلك بتأويله قول من قال تأويله: ويرى تقلبك مع الساجدين في صلاتهم معك, حين تقوم معهم وتركع وتسجد, لأن ذلك هو الظاهر من معناه. فأما قول من وجهه إلى أن معناه: وتقلبك في الناس, فإنه قول بعيد من المفهوم بظاهر التلاوة, وإن كان له وجه, لأنه وإن كان لا شيء إلا وظله يسجد لله, فإنه ليس المفهوم من قول القائل: فلان مع الساجدين, أو في الساجدين, أنه مع الناس أو فيهم, بل المفهوم بذلك أنه مع قوم سجود, السجود المعروف, وتوجيه معاني كلام الله إلى الأغلب أولى من توجيهه إلى الأنكر.
وكذلك أيضا في قول من قال: معناه: تتقلب في أبصار الساجدين, وإن كان له وجه, فليس ذلك الظاهر من معانيه.
فتأويل الكلام إذن: وتوكل على العزيز الرحيم, الذي يراك حين تقوم إلى صلاتك, ويرى تقلبك في المؤتمين بك فيها بين قيام وركوع وسجود وجلوس.