تفسير الطبري
تفسير الآية رقم 40 من سورة القصص
وقوله: ( فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ ) يقول تعالى ذكره: فجمعنا فرعون وجنوده من القبط ( فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ ) يقول: فألقيناهم جميعهم في البحر فغرقناهم فيه, كما قال أبو الأسود الدؤلي:
نَظَــرْتُ إِلَــى عُنْوَانِــهِ فَنَبَذْتُـهُ
كَنَبْـذِكَ نَعْـلا أَخْـلَقَتْ مِـنْ نِعَالِكَـا (2)
وذكر أن ذلك بحر من وراء مصر, كما حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قَتادة: ( فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ ) قال: كان اليم بحرا يقال له إساف من وراء مصر غرّقهم الله فيه.
وقوله: ( فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ ) يقول تعالى ذكره: فانظر يا محمد بعين قلبك: كيف كان أمر هؤلاء الذين ظلموا أنفسهم فكفروا بربهم، وردّوا على رسوله نصيحته, ألم نهلكهم فَنُوَرِّثُ ديارهم وأموالهم أولياءنا, ونخوّلهم ما كان لهم من جنات وعيون وكنوز, ومقام كريم, بعد أن كانوا مستضعفين, تقتل أبناؤهم, وتُستحيا نساؤهم, فإنا كذلك بك وبمن آمن بك وصدّقك فاعلون مخوّلوك وإياهم ديار من كذّبك, وردّ عليك ما أتيتهم به من الحقّ وأموالهم, ومهلكوهم قتلا بالسيف, سنة الله في الذين خلوا من قبل.
------------------------
الهوامش:
(1) البيت لأبي ذؤيب الهذلي يصف طرق المفازة (اللسان: نعم). قال: النعامة: كل بناء أو ظلة أو علم يهتدي به من أعلام المفاوز. وقيل: كل بناء على الجبل كالظلة والعلم. والجمع: نعام. قال أبو ذؤيب يصف طرق المفازة: "بهن نعام..." البيت قال: وروى الجوهري عجز * تلقـى النقـائض فيـه السـريحا *
قال: والنقائض: الهزلي من الإبل. اه. وفي (اللسان: نقض) النفيضة نحو الطليعة، وهم الجماعة يبعثون في الأرض متجسسين، لينظروا: هل فيها عدو وخوف؟ والجمع النفائض. هذا تفسير الأصمعي. وهكذا رواه أبو عمرو بالفاء إلا أنه قال في تفسيره: إنها الهزلي من الإبل. قال ابن بري: النعام: خشبات يستظل تحتها. والرجال: الرجالة. والسريح: سيور تشد بها النعال، يريد أن نعال النقائض تقطعت. والصروح: جمع صرح، وهو كما في (اللسان: صرح) بيت واحد يبنى منفردًا ضخمًا طويلا في السماء. قال أبو ذؤيب:
عَــلَى طُــرُقِ كَنُحُــورِ الظَّبَــا
ءِ تَحْسَـــبُ آرَامَهُــنَّ الصُّرُحَــا
وقال الزجاج في قوله تعالى: (قيل لها ادخلي الصرح) قال: الصرح في اللغة: القصر، والصحن يقال: هذه صرحة الدار وقارعتها: أي ساحتها وعرصتها. وقال بعض المفسرين: الصرح: بلاط اتخذ لها من قوارير. والصرح: الأرض المملسة. والصرح متن من الأرض مستو. اه. وقال أبو عبيدة في مجاز القرآن. الصرح: البناء والقصر. ولم يزد، وروى البيت كرواية صاحب اللسان.
(2) البيت لأبي الأسود الدؤلي، كما قاله المؤلف وهو منقول عن مجاز القرآن لأبي عبيدة (الورقة 180ب) قال: (فأخذناه وجنوده) أي فجمعناه وجنوده. (فنبذناهم في اليم): أي فألقيناهم في البحر، وأهلكناهم وغرقناهم. قال أبو الأسود الدؤلي: "نظرت إلى عنوانه.." البيت. اه. وفي (اللسان: نبذ) النبذ طرحك الشيء من يدك أو وراءك ونبذت الشيء: إذا رميته وأبعدته.