تفسير الطبري
تفسير الآية رقم 97 من سورة آل عمران
فيه آيات بينات مقام إبراهيم
القول في تأويل قوله تعالى : { فيه آيات بينات مقام إبراهيم } اختلفت القراء في قراءة ذلك , فقرأه قراء الأمصار : { فيه آيات بينات } على جماع آية , بمعنى : فيه علامات بينات . وقرأ ذلك ابن عباس . " فيه آية بينة " يعني بها : مقام إبراهيم , يراد بها علامة واحدة . ثم اختلف أهل التأويل في تأويل قوله : { فيه آيات بينات } وما تلك الآيات . فقال بعضهم : مقام إبراهيم والمشعر الحرام , ونحو ذلك . ذكر من قال ذلك : 5885 - حدثني محمد بن سعد , قال : ثني أبي , قال : ثني عمي , قال : ثني أبي , عن أبيه , عن ابن عباس قوله : { فيه آيات بينات } : مقام إبراهيم , والمشعر . 5886 - حدثنا الحسن بن يحيى , قال : أخبرنا عبد الرزاق , قال : أخبرنا معمر , عن قتادة ومجاهد : { فيه آيات بينات مقام إبراهيم } قالا : مقام إبراهيم من الآيات البينات . وقال آخرون : الآيات البينات { مقام إبراهيم ومن دخله كان آمنا } ذكر من قال ذلك : 5887 - حدثني محمد بن سنان , قال : ثنا أبو بكر الحنفي , قال : ثنا عباد , عن الحسن في قوله : { فيه آيات بينات } قال : { مقام إبراهيم ومن دخله كان آمنا } وقال آخرون : الآيات البينات : هو مقام إبراهيم . ذكر من قال ذلك : 5888 - حدثنا محمد بن الحسين , قال : ثنا أحمد بن المفضل , قال : ثنا أسباط , عن السدي , قوله : { فيه آيات بينات مقام إبراهيم } أما الآيات البينات : فمقام إبراهيم . وأما الذين قرءوا ذلك : " فيه آية بينة " على التوحيد , فإنهم عنوا بالآية البينة : مقام إبراهيم . ذكر من قال ذلك : 5889 - حدثنا محمد بن عمرو , قال : ثنا أبو عاصم , عن عيسى , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد : { فيه آيات بينات } قال : قدماه في المقام آية بينة . يقول : { ومن دخله كان آمنا } قال : هذا شيء آخر . * - حدثت عن عمار , قال : ثنا ابن أبي جعفر , عن أبيه , عن ليث , عن مجاهد " فيه آية بينة مقام إبراهيم " قال : أثر قدميه في المقام آية بينة . وأولى الأقوال في تأويل ذلك بالصواب , قول من قال : الآيات البينات منهن مقام إبراهيم , وهو قول قتادة ومجاهد الذي رواه معمر عنهما , فيكون الكلام مرادا فيهن " منهن " , فترك ذكره اكتفاء بدلاله الكلام عليها . فإن قال قائل : فهذا المقام من الآيات البينات , فما سائر الآيات التي من أجلها قيل : { آيات بينات } ؟ قيل : منهن : المقام , ومنهن الحجر , ومنهن الحطيم , وأصح القراءتين في ذلك قراءة من قرأ { فيه آيات بينات } على الجماع , لإجماع قراء أمصار المسلمين على أن ذلك هو القراءة الصحيحة دون غيرها . وأما اختلاف أهل التأويل في تأويل : { مقام إبراهيم } فقد ذكرناه في سورة البقرة , وبينا أولى الأقوال بالصواب فيه هنالك وأنه عندنا : المقام المعروف به . فتأويل الآية إذا : إن أول بيت وضع للناس مباركا وهدى للعالمين , للذي ببكة , فيه علامات من قدرة الله وآثار خليله إبراهيم منهن أثر قدم خليله إبراهيم صلى الله عليه وسلم في الحجر الذي قام عليه .ومن دخله كان آمنا
القول في تأويل قوله تعالى : { ومن دخله كان آمنا } واختلف أهل التأويل في تأويل ذلك , فقال بعضهم : تأويله الخبر عن أن كل من جر في الجاهلية جريرة ثم عاذ بالبيت لم يكن بها مأخوذا . ذكر من قال ذلك : 5890 - حدثنا بشر , قال : ثنا يزيد , قال : ثنا سعيد , عن قتادة , قوله : { ومن دخله كان آمنا } وهذا كان في الجاهلية , كان الرجل لو جر كل جريرة على نفسه ثم ألجأ إلى حرم الله , لم يتناول ولم يطلب ; فأما في الإسلام , فإنه لا يمنع من حدود الله , من سرق فيه قطع , ومن زنى فيه أقيم عليه الحد , من قتل فيه قتل , وعن قتادة أن الحسن كان يقول : إن الحرم لا يمنع من حدود الله , لو أصاب حدا في غير الحرم فلجأ إلى الحرم لم يمنعه ذلك أن يقام عليه الحد , ورأى قتادة ما قاله الحسن . 5891 - حدثنا الحسن بن يحيى , قال : أخبرنا عبد الرزاق , قال : أخبرنا معمر , عن قتادة , قوله : { ومن دخله كان آمنا } قال : كان ذلك في الجاهلية , فأما اليوم فإن سرق فيه أحد قطع , وإن قتل فيه قتل , ولو قدر فيه على المشركين قتلوا . 5892 - حدثنا سعيد بن يحيى الأموي , قال : ثنا عبد السلام بن حرب , قال : ثنا خصيف عن مجاهد في الرجل يقتل , ثم يدخل الحرم , قال : يؤخذ فيخرج من الحرم , ثم يقام عليه الحد . يقول : القتل . 5893 - حدثنا محمد بن المثنى , قال : ثنا محمد بن جعفر , عن شعبة , عن حماد , مثل قول مجاهد . 5894 - حدثنا أبو كريب وأبو السائب , قالا ثنا ابن إدريس , قال : أخبرنا هشام , عن الحسن وعطاء في الرجل يصيب الحد , ويلجأ إلى الحرم : يخرج من الحرم فيقام عليه الحد . فتأويل الآية على قول هؤلاء : فيه آيات بينات مقام إبراهيم , والذي دخله من الناس كان آمنا بها في الجاهلية . وقال آخرون : معنى ذلك : ومن يدخله يكن آمنا بها , بمعنى الجزاء , كنحو قول القائل . من قام لي أكرمته : بمعنى من يقم لي أكرمه . وقالوا : هذا أمر كان في الجاهلية , كان الحرم مفزع كل خائف , وملجأ كل جان , لأنه لم يكن يهاج له ذو جريرة , ولا يعرض الرجل فيه لقاتل أبيه وابنه بسوء . قالوا : وكذلك هو في الإسلام , لأن الإسلام زاده تعظيما وتكريما . ذكر من قال ذلك : 5895 - حدثني محمد بن عبد الملك بن أبي الشوارب , قال : ثنا عبد الواحد بن زياد قال : ثنا خصيف , قال ثنا مجاهد , قال : قال ابن عباس : إذا أصاب الرجل الحد قتل أو سرق , فدخل الحرم , ولم يبايع ولم يؤو حتى يتبرم فيخرج من الحرم , فيقام عليه الحد . قال . فقلت لابن عباس : ولكني لا أرى ذلك , أرى أن يؤخذ برمته , ثم يخرج من الحرم , فيقام عليه الحد , فإن الحرم لا يزيده إلا شدة . 5896 - حدثنا أبو كريب وأبو السائب , قالا : ثنا ابن إدريس , قال : ثنا عبد الملك , عن عطاء , قال : أخذ ابن الزبير سعدا مولى معاوية , وكان في قلعة بالطائف , فأرسل إلى ابن عباس من يشاوره فيهم , إنهم لنا عين , فأرسل إليه ابن عباس : لو وجدت قاتل أبي لم أعرض له . قال : فأرسل إليه ابن الزبير : ألا نخرجهم من الحرم ؟ قال : فأرسل إليه ابن عباس : أفلا قبل أن تدخلهم الحرم ؟ زاد أبو السائب في حديثه فأخرجهم فصلبهم , ولم يصغ إلى قول ابن عباس . 5897 - حدثني يعقوب بن إبراهيم , قال : ثنا هشيم , قال : أخبرنا حجاج , عن عطاء , عن ابن عباس , قال : من أحدث حدثا في غير الحرم ثم لجأ إلى الحرم ولم يعرض له ولم يبايع ولم يكلم ولم يؤو حتى يخرج من الحرم , فإذا خرج من الحرم أخذ فأقيم عليه الحد . قال : ومن أحدث في الحرم حدثا أقيم عليه الحد . * - حدثنا أبو كريب قال : ثنا إبراهيم بن إسماعيل بن نصر السلمي , عن ابن أبي حبيبة , عن داود بن حصين , عن عكرمة , عن ابن عباس أنه قال : من أحدث حدثا ثم استجار بالبيت فهو آمن , وليس للمسلمين أن يعاقبوه على شيء إلى أن يخرج , فإذا خرج أقاموا عليه الحد . 5898 - حدثني يعقوب , قال : ثنا هشيم , قال : ثنا حجاج , عن عطاء , عن ابن عمر , قال : لو وجدت قاتل عمر في الحرم ما هجته . 5899 - حدثنا أبو كريب وأبو السائب , قالا : ثنا ابن إدريس , قال : ثنا ليث , عن عطاء : أن الوليد بن عتبة أراد أن يقيم الحد في الحرم , فقال له عبيد بن عمير : لا تقم عليه الحد في الحرم إلا أن يكون أصابه فيه . 5900 - حدثنا أبو كريب وأبو السائب , قالا : ثنا ابن إدريس , قال : أخبرنا مطرف , عن عامر , قال : إذا أصاب الحد , ثم هرب إلى الحرم , فقد أمن , فإذا أصابه في الحرم أقيم عليه الحد في الحرم . 5901 - حدثنا ابن بشار , قال : ثنا مؤمل , قال : ثنا سفيان , عن فراس , عن الشعبي , قال : من أصاب حدا في الحرم ومن أصابه خارجا من الحرم ثم دخل الحرم , لم يكلم ولم يبايع حتى يخرج من الحرم , فيقام عليه 5902 - حدثنا سعيد بن يحيى الأموي , قال : ثنا عبد السلام بن حرب , قال : ثنا عطاء بن السائب , عن سعيد بن جبير , وعن عبد الملك , عن عطاء بن أبي رباح في الرجل يقتل , ثم يدخل الحرم , قال : لا يبيعه أهل مكة , ولا يشترون منه , ولا يسقونه ولا يطعمونه , ولا يؤوونه - عد أشياء كثيرة - حتى يخرج من الحرم , فيؤخذ بذنبه . 5903 - حدثنا عن عمار , قال : ثنا ابن أبي جعفر , عن أبيه , عن عطاء بن السائب , عن سعيد بن جبير عن ابن عباس : أن الرجل إذا أصاب حدا ثم دخل الحرم أنه لا يطعم , ولا يسقى , ولا يؤوى , ولا يكلم , ولا ينكح , ولا يبايع , فإذا خرج منه أقيم عليه الحد . * - حدثني المثنى , قال : ثني حجاج , قال : ثنا حماد , عن عمرو بن دينار , عن ابن عباس , قال : إذا أحدث الرجل حدثا , ثم دخل الحرم , لم يؤو , ولم يجالس , ولم يبايع , ولم يطعم , ولم يسق , حتى يخرج من الحرم . * - حدثني المثنى , قال : ثنا حجاج , قال : ثنا حماد , عن عطاء بن السائب , عن سعيد بن جبير , عن ابن عباس , مثله . 5904 - حدثنا محمد بن الحسين , قال : ثنا أحمد بن المفضل , قال : ثنا أسباط , عن السدي : أما قوله : { ومن دخله كان آمنا } : فلو أن رجلا قتل رجلا , ثم أتى الكعبة فعاذ بها , ثم لقيه أخو المقتول لم يحل له أبدا أن يقتله . وقال آخرون : معنى ذلك : ومن دخله يكن آمنا من النار . ذكر من قال ذلك : 5905 - حدثنا علي بن مسلم , قال : ثنا أبو عاصم , قال : أخبرنا رزيق بن مسلم المخزومي , قال : ثنا زياد بن أبي عياض , عن يحيى بن جعدة , في قوله : { ومن دخله كان آمنا } قال : آمنا من النار . وأولى الأقوال في ذلك عندنا بالصواب , قول ابن الزبير ومجاهد والحسن , ومن قال معنى ذلك : ومن دخله من غيره ممن لجأ إليه عائذا به كان آمنا ما كان فيه , ولكنه يخرج منه فيقام عليه الحد إن كان أصاب ما يستوجبه في غيره ثم لجأ إليه , وإن كان أصابه فيه أقيم عليه فيه . فتأويل الآية إذا : فيه آيات بينات مقام إبراهيم , ومن يدخله من الناس مستجيرا به يكن آمنا مما استجار منه ما كان فيه , حتى يخرج منه . فإن قال قائل : وما منعك من إقامة الحد عليه فيه ؟ قيل : لاتفاق جميع السلف على أن من كانت جريرته في غيره ثم عاذ به , فإنه لا يؤخذ بجريرته فيه . وإنما اختلفوا في صفة إخراجه منه لأخذه بها , فقال بعضهم : صفة ذلك منعه المعاني التي يضطر مع منعه وفقده إلى الخروج منه . وقال آخرون : لا صفة لذلك غير إخراجه منه بما أمكن إخراجه من المعاني التي توصل إلى إقامة حد الله معها , فلذلك قلنا : غير جائز إقامة الحد عليه فيه إلا بعد إخراجه منه . فأما من أصاب الحد فيه , فإنه لا خلاف بين الجميع في أنه يقام عليه فيه الحد , فكلتا المسألتين أصل مجمع على حكمها على ما وصفنا . فإن قال لنا قائل : وما دلالتك على أن إخراج العائذ بالبيت إذا أتاه مستجيرا به من جريرة جرها أو من حد أصابه من الحرم جائز لإقامة الحد عليه وأخذه بالجريرة , وقد أقررت بأن الله عز وجل قد جعل من دخله آمنا , ومعنى الآمن غير معنى الخائف , فيما هما فيه مختلفان ؟ قيل : قلنا ذلك لإجماع الجميع من المتقدمين والمتأخرين من علماء الأمة , على أن إخراج العائذ به من جريرة أصابها أو فاحشة أتاها وجبت عليه به عقوبة منه ببعض معاني الإخراج لأخذه بما لزمه , واجب على إمام المسلمين وأهل الإسلام معه . وإنما اختلفوا في السبب الذي يخرج به منه , فقال بعضهم : السبب الذي يجوز إخراجه به منه ترك جميع المسلمين مبايعته وإطعامه وسقيه وإيواءه وكلامه وما أشبه ذلك من المعاني التي لا قرار للعائذ به فيه مع بعضها , فكيف مع جميعها ؟ وقال آخرون منهم : بل إخراجه لإقامة ما لزمه من العقوبة واجب بكل معاني الإخراج . فلما كان إجماعا من الجميع على أن حكم الله - فيمن عاذ بالبيت من حد أصابه أو جريرة جرها - إخراجه منه لإقامة ما فرض الله على المؤمنين إقامته عليه , ثم اختلفوا في السبب الذي يجوز إخراجه به منه كان اللازم لهم ولإمامهم إخراجه منه بأي معنى أمكنهم إخراجه منه حتى يقيموا عليه الحد الذي لزمه خارجا منه إذا كان لجأ إليه من خارج على ما قد بينا قبل . وبعد : فإن الله عز وجل لم يضع حدا من حدوده عن أحد من خلقه من أجل بقعة وموضع صار إليها من لزمه ذلك . وقد تظاهرت الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : " إني حرمت المدينة كما حرم إبراهيم مكة " . ولا خلاف بين جميع الأمة أن عائذا لو عاذ من عقوبة لزمته بحرم النبي صلى الله عليه وسلم يؤاخذ بالعقوبة فيه . ولولا ما ذكرت من إجماع السلف على أن حرم إبراهيم لا يقام فيه على من عاذ به من عقوبة لزمته حتى يخرج منه ما لزمه , لكان أحق البقاع أن تؤدى فيه فرائض الله التي ألزمها عباده من قتل أو غيره , أعظم البقاع إلى الله كحرم الله وحرم رسوله صلى الله عليه وسلم , ولكنا أمرنا بإخراج من أمرنا بإخراجه من حرم الله لإقامة الحد لما ذكرنا من فعل الأمة ذلك وراثة . فمعنى الكلام إذ كان الأمر على ما وصفنا : ومن دخله كان آمنا ما كان فيه . فإذا كان ذلك كذلك , فمن لجأ إليه من عقوبة لزمته عائذا به , فهو آمن ما كان به حتى يخرج منه . وإنما يصير إلى الخوف بعد الخروج أو الإخراج منه , فحينئذ هو غير داخله , ولا هو فيه .ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا
القول في تأويل قوله تعالى : { ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا } يعني بذلك جل ثناؤه : وفرض واجب لله على من استطاع من أهل التكليف السبيل إلى حج بيته الحرام الحج إليه . وقد بينا فيما مضى معنى الحج ودللنا على صحة ما قلنا من معناه بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع . واختلف أهل التأويل في تأويل قوله عز وجل : { من استطاع إليه سبيلا } , وما السبيل التي يجب مع استطاعتها فرض الحج ؟ فقال بعضهم : هي الزاد والراحلة . ذكر من قال ذلك : 5906 - حدثنا محمد بن بشار , قال : ثنا محمد بن بكر , قال : أخبرنا ابن جريج , قال : قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : { من استطاع إليه سبيلا } قال : الزاد والراحلة . 5907 - حدثنا ابن بشار , قال : ثنا محمد بن بكر , قال : أخبرنا ابن جريج , قال : قال عمرو بن دينار : الزاد والراحلة . 5908 - حدثنا أبو كريب , قال : ثنا وكيع , عن أبي جناب , عن الضحاك , عن ابن عباس في قوله : { من استطاع إليه سبيلا } قال : الزاد والبعير . 5909 - حدثني المثنى , قال : ثنا عبد الله بن صالح , قال : ثني معاوية , عن علي , عن ابن عباس , قوله : { ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا } والسبيل : أن يصح بدن العبد , ويكون له ثمن زاد وراحلة من غير أن يجحف به . 5910 - حدثنا خلاد بن أسلم , قال : ثنا النضر بن شميل , قال : أخبرنا إسرائيل , عن أبي عبد الله البجلي , قال : سألت سعيد بن جبير عن قوله : { من استطاع إليه سبيلا } قال : قال ابن عباس : من ملك ثلثمائة درهم , فهو السبيل إليه . 5911 - حدثني محمد بن سنان , قال : ثنا أبو عاصم , عن إسحاق بن عثمان , قال : سمعت عطاء يقول : السبيل : الزاد والراحلة . 5912 - حدثني محمد بن الحسين , قال : ثنا أحمد بن المفضل , قال : ثنا أسباط , عن السدي : أما من استطاع إليه سبيلا , فإن ابن عباس قال : السبيل : راحلة وزاد . 5913 - حدثني المثنى , وأحمد بن حازم , قالا : ثنا أبو نعيم , قال : ثنا سفيان , عن محمد بن سوقة , عن سعيد بن جبير : { من استطاع إليه سبيلا } قال : الزاد والراحلة . 5914 - حدثنا أحمد بن حازم , قال : ثنا أبو نعيم , قال : أخبرنا الربيع بن صبيح , عن الحسن , قال : الزاد والراحلة . 5915 - حدثنا ابن حميد , قال : ثنا جرير , عن منصور , عن الحسن , قال : قرأ النبي صلى الله عليه وسلم هذه الآية : { ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا } فقال رجل : يا رسول الله , ما السبيل ؟ قال : " الزاد والراحلة " . واعتل قائلو هذه المقالة بأخبار رويت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بنحو ما قالوا في ذلك . ذكر الرواية بذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : 5916 - حدثنا الحسن بن يحيى , قال : أخبرنا عبد الرزاق , قال : أخبرنا إبراهيم بن يزيد الخوزي , قال : سمعت محمد بن عباد بن جعفر , يحدث عن ابن عمر , قال : قام رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم , فقال : ما السبيل ؟ قال : " الزاد والراحلة " . * - حدثني محمد بن سنان , قال : ثنا أبو حذيفة , قال : ثنا سفيان , عن إبراهيم الخوزي , عن محمد بن عباد , عن ابن عمر , أن النبي صلى الله عليه وسلم , قال في قوله عز وجل : { من استطاع إليه سبيلا } قال : " السبيل إلى الحج الزاد والراحلة " . * - حدثنا حميد بن مسعدة , قال : ثنا بشر بن المفضل , قال : ثنا يونس , وحدثني يعقوب بن إبراهيم , قال : ثنا ابن علية , عن يونس , عن الحسن , قال : قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم : { ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا } قالوا : يا رسول الله , ما السبيل ؟ قال . " الزاد والراحلة " . 5917 - حدثنا أبو عثمان المقدمي , والمثنى بن إبراهيم , قالا : ثنا مسلم بن إبراهيم , قال : ثنا هلال بن عبيد الله مولى ربيعة بن عمرو بن مسلم الباهلي , قال . ثنا أبو إسحاق , عن الحرث , عن علي , عن النبي صلى الله عليه وسلم , قال : " من ملك زادا وراحلة تبلغه إلى بيت الله فلم يحج فلا عليه أن يموت يهوديا أو نصرانيا , وذلك أن الله عز وجل يقول في كتابه : { ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا } . .. " الآية . * - حدثنا بشر , قال : ثنا يزيد , قال : ثنا سعيد , عن قتادة , عن الحسن , قال : بلغنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم , قال له قائل , أو رجل : يا رسول الله , ما السبيل إليه ؟ قال : " من وجد زادا وراحلة " . * - حدثنا أحمد بن الحسن الترمذي , قال : ثنا شاذ بن فياض البصري , قال : ثنا هلال بن هشام , عن أبي إسحاق الهمداني , عن الحارث , عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه , قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من ملك زادا وراحلة فلم يحج مات يهوديا أو نصرانيا ; وذلك أن الله يقول في كتابه : { ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا } . .. " الآية . * - حدثني أحمد بن حازم , قال : ثنا أبو نعيم , قال : ثنا حماد بن سلمة , عن قتادة وحميد , عن الحسن , أن رجلا قال : يا رسول الله , ما السبيل إليه ؟ قال : " الزاد والراحلة " . * - حدثنا محمد بن بشار , قال : ثنا الحجاج بن المنهال , قال : ثنا حماد , عن قتادة , عن الحسن , عن النبي صلى الله عليه وسلم , مثله . وقال آخرون : السبيل التي إذا استطاعها المرء كان عليه الحج : الطاقة للوصول إليه . قال : وذلك قد يكون بالمشي وبالركوب , وقد يكون مع وجودهما العجز عن الوصول إليه , بامتناع الطريق من العدو الحائل , وبقلة الماء وما أشبه ذلك . قالوا : فلا بيان في ذلك أبين مما بينه الله عز وجل بأن يكون مستطيعا إليه السبيل , وذلك الوصول إليه بغير مانع ولا حائل بينه وبينه , وذلك قد يكون بالمشي وحده , وإن أعوزه المركب , وقد يكون بالمركب وغير ذلك . ذكر من قال ذلك : 5918 - حدثنا محمد بن بشار , قال : ثنا عبد الرحمن بن مهدي , قال : ثنا سفيان , عن خالد بن أبي كريمة , عن رجل , عن ابن الزبير , قوله : { ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا } قال : على قدر القوة . 5919 - حدثنا يحيى بن أبي طالب , قال : أخبرنا يزيد , قال : أخبرنا جويبر , عن الضحاك في قوله : { من استطاع إليه سبيلا } قال : الزاد والراحلة , فإن كان شابا صحيحا ليس له مال , فعليه أن يؤاجر نفسه بأكله وعقبه حتى يقضي حجته . فقال له قائل : كلف الله الناس أن يمشوا إلى البيت ؟ فقال : لو أن لبعضهم ميراثا بمكة أكان تاركه ؟ والله لانطلق إليه ولو حبوا ! كذلك يجب عليه الحج . 5920 - حدثنا محمد بن بشار , قال : ثنا محمد بن بكر , قال : أخبرنا ابن جريج , قال : قال عطاء : من وجد شيئا يبلغه فقد وجد سبيلا , كما قال الله عز وجل . { من استطاع إليه سبيلا } 5921 - حدثنا أحمد بن حازم , قال : ثنا أبو نعيم , قال : ثنا أبو هانئ , قال : سئل عامر عن هذه الآية : { ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا } قال : السبيل : ما يسره الله . 5922 - حدثني محمد بن سنان , قال : ثنا أبو بكر الحنفي , قال : ثنا عباد , عن الحسن : من وجد شيئا يبلغه فقد استطاع إليه سبيلا . وقال آخرون : السبيل إلى ذلك : الصحة . ذكر من قال ذلك : 5923 - حدثنا محمد بن حميد ومحمد بن عبد الله بن عبد الحكم والمثنى بن إبراهيم , قالوا : حدثنا أبو عبد الرحمن المقري , قال : ثنا حيوة بن شريح وابن لهيعة , قالا : أخبرنا شرحبيل بن شريك المعافري أنه سمع عكرمة مولى ابن عباس يقول في هذه الآية : { ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا } قال : السبيل : الصحة . وقال آخرون بما : 5924 - حدثني يونس , قال : أخبرنا ابن وهب , قال : قال ابن زيد في قول الله عز وجل : { ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا } قال : من وجد قوة في النفقة والجسد والحملان , قال : وإن كان في جسده ما لا يستطيع الحج فليس عليه الحج , وإن كان له قوة في مال , كما إذا كان صحيح الجسد ولا يجد مالا ولا قوة , يقولون : لا يكلف أن يمشي . وأولى الأقوال في ذلك عندنا بالصواب , قول من قال بقول ابن الزبير وعطاء , إن ذلك على قدر الطاقة , لأن السبيل في كلام العرب : الطريق , فمن كان واجدا طريقا إلى الحج لا مانع له منه من زمانة , أو عجز , أو عدو , أو قلة ماء في طريقه , أو زاد , وضعف عن المشي , فعليه فرض الحج لا يجزيه إلا أداؤه فإن لم يكن واجدا سبيلا , أعني بذلك : فإن لم يكن مطيقا الحج بتعذر بعض هذه المعاني التي وصفناها عليه , فهو ممن لا يجد إليه طريقا , ولا يستطيعه , لأن الاستطاعة إلى ذلك هو القدرة عليه , ومن كان عاجزا عنه ببعض الأسباب التي ذكرنا أو بغير ذلك , فهو غير مطيق ولا مستطيع إليه السبيل . وإنما قلنا هذه المقالة أولى بالصحة مما خالفها , لأن الله عز وجل لم يخصص إذ ألزم الناس فرض الحج بعض مستطيعي السبيل إليه بسقوط فرض ذلك عنه فذلك على كل مستطيع إليه سبيلا بعموم الآية . فأما الأخبار التي رويت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك بأنه الزاد والراحلة , فإنها أخبار في أسانيدها نظر , لا يجوز الاحتجاج بمثلها في الدين . واختلف القراء في قراءة الحج , فقرأ ذلك جماعة من قراء أهل المدينة والعراق بالكسر : { ولله على الناس حج البيت } , وقرأ ذلك جماعة أخر منهم بالفتح : " ولله على الناس حج البيت " وهما لغتان معروفتان للعرب , فالكسر لغة أهل نجد , والفتح لغة أهل العالية , ولم نر أحدا من أهل العربية ادعى فرقا بينهما في معنى ولا غيره غير ما ذكرنا من اختلاف اللغتين , إلا ما : 5925 - حدثنا به أبو هشام الرفاعي , قال : قال حسين الجعفي : الحج مفتوح : اسم , والحج مكسور : عمل . وهذا قول لم أر أهل المعرفة بلغات العرب ومعاني كلامهم يعرفونه , بل رأيتهم مجمعين على ما وصفت من أنهما لغتان بمعنى واحد . والذي نقول به في قراءة ذلك , أن القراءتين إذ كانتا مستفيضتين في قراءة أهل الإسلام , ولا اختلاف بينهما في معنى ولا غيره , فهما قراءتان قد جاءتا مجيء الحجة , فبأي القراءتين - أعني بكسر الحاء من الحج أو فتحها - قرأ القارئ فمصيب الصواب في قراءته . وأما " من " التي مع قوله : { من استطاع } فإنه في موضع خفض على الإبدال من الناس , لأن معنى الكلام : ولله على من استطاع من الناس سبيلا إلى حج البيت حجه ; فلما تقدم ذكر الناس قبل " من " بين بقوله : { من استطاع إليه سبيلا } , الذي عليه فرض ذلك منهم , لأن فرض ذلك على بعض الناس دون جميعهم .ومن كفر فإن الله غني عن العالمين
القول في تأويل قوله تعالى : { ومن كفر فإن الله غني عن العالمين } يعني بذلك جل ثناؤه : ومن جحد ما ألزمه الله من فرض حج بيته , فأنكره وكفر به , فإن الله غني عنه , وعن حجه وعمله , وعن سائر خلقه من الجن والإنس . كما : 5926 - حدثنا ابن بشار , قال : ثنا عبد الرحمن , قال : ثنا عبد الواحد بن زياد , عن الحجاج بن أرطأة , عن محمد بن أبي المجالد , قال : سمعت مقسما , عن ابن عباس في قوله : { ومن كفر } قال : من زعم أنه ليس بفرض عليه . 5927 - حدثني يعقوب بن إبراهيم , قال : ثنا هشيم , قال : أخبرنا الحجاج , عن عطاء وجويبر , عن الضحاك في قوله : { ومن كفر فإن الله غني عن العالمين } قالا : من جحد الحج وكفر به . 5928 - حدثنا ابن بشار , قال : ثنا عبد الرحمن , قال : ثنا هشيم , عن الحجاج بن أرطأة , عن عطاء , قال : من جحد به . 5929 - حدثنا ابن بشار , قال : ثنا عبد الرحمن , قال : ثنا عمران القطان , يقول : من زعم أن الحج ليس عليه . 5930 - حدثنا محمد بن سنان , قال : ثنا أبو بكر , عن عباد , عن الحسن في قوله : { ومن كفر فإن الله غني عن العالمين } قال : من أنكره , ولا يرى أن ذلك عليه حقا , فذلك كفر . 5931 - حدثني محمد بن عمرو , قال : ثنا أبو عاصم , عن عيسى , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد : { ومن كفر } قال : من كفر بالحج . * - حدثنا عبد الحميد بن بيان , قال : أخبرنا إسحاق بن يوسف , عن أبي بشر , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد في قوله : { ومن كفر فإن الله غني عن العالمين } قال : من كفر بالحج كفر بالله . * - حدثني المثنى , قال : ثنا يعلى بن أسد , قال : ثنا خالد , عن هشام بن حسان , عن الحسن في قول الله عز وجل : { ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ومن كفر } قال : من لم يره عليه واجبا . * - حدثني المثنى , قال : ثنا أبو حذيفة , قال : ثنا شبل , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد : { ومن كفر } قال بالحج . وقال آخرون : معنى ذلك : أن لا يكون معتقدا في حجه أن له الأجر عليه , ولا أن عليه بتركه إثما ولا عقوبة . ذكر من قال ذلك : 5932 - حدثني يعقوب بن إبراهيم , قال : ثنا ابن علية , قال : أخبرنا ابن جريج , قال : ثني عبد الله بن مسلم , عن مجاهد , في قوله : { ومن كفر فإن الله غني عن العالمين } قال : هو ما إن حج لم يره برا , وإن قعد لم يره مأثما . * - حدثنا عبد الحميد بن بيان , قال : أخبرنا إسحاق بن يوسف , عن ابن جريج , عن مجاهد , قال : هو ما إن حج لم يره برا , وإن قعد لم يره مأثما . 5933 - حدثني أحمد بن حازم , قال : ثنا أبو نعيم , قال : ثنا مطر , عن أبي داود نفيع , قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " { ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ومن كفر فإن الله غني عن العالمين } " فقام رجل من هذيل , فقال : يا رسول الله من تركه كفر ؟ قال : " من تركه ولا يخاف عقوبته , ومن حج ولا يرجو ثوابه , فهو ذاك " . 5934 - حدثني المثنى , قال : ثنا عبد الله بن صالح , قال : ثني معاوية , عن علي , عن ابن عباس : { ومن كفر فإن الله غني عن العالمين } يقول : من كفر بالحج , فلم ير حجه برا , ولا تركه مأثما . وقال آخرون : معنى ذلك : ومن كفر بالله واليوم الآخر . ذكر من قال ذلك : 5935 - حدثنا ابن حميد , قال : ثنا جرير , عن منصور , عن مجاهد , قال : سألته عن قوله : { ومن كفر فإن الله غني عن العالمين } ما هذا الكفر ؟ قال : من كفر بالله واليوم الآخر . * - حدثنا ابن بشار , قال : ثنا عبد الرحمن بن مهدي , قال : ثنا سفيان , عن منصور , عن مجاهد , في قوله : { ومن كفر } قال من كفر بالله واليوم الآخر . 5936 - حدثنا يحيى بن أبي طالب , قال : أخبرنا يزيد , قال : أخبرنا جويبر , عن الضحاك في قوله : { ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا } قال : لما نزلت آية الحج جمع رسول الله أهل الأديان كلهم , فقال : " يا أيها الناس إن الله عز وجل كتب عليكم الحج فحجوا ! " فآمنت به ملة واحدة , وهي من صدق النبي صلى الله عليه وسلم وآمن به , وكفرت به خمس ملل , قالوا : لا نؤمن به , ولا نصلي إليه , ولا نستقبله . فأنزل الله عز وجل : { ومن كفر فإن الله غني عن العالمين } 5937 - حدثني أحمد بن حازم , قال : أخبرنا أبو نعيم , قال : ثنا أبو هانئ , قال : سئل عامر , عن قوله : { ومن كفر } قال : من كفر من الخلق , فإن الله غني عنه . 5938 - حدثني محمد بن سنان , قال : ثنا أبو حذيفة , قال : ثنا سفيان , عن إبراهيم , عن محمد بن عباد , عن ابن عمر , عن النبي صلى الله عليه وسلم , في قول الله : { ومن كفر } قال : " من كفر بالله واليوم الآخر " . 5939 - حدثني محمد بن عمرو , قال : ثنا أبو عاصم , قال : ثنا عيسى , عن ابن أبي نجيح , عن عكرمة مولى ابن عباس في قول الله عز وجل : { ومن يبتغ غير الإسلام دينا } 3 85 فقالت الملل : نحن مسلمون ! فأنزل الله عز وجل : { لله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ومن كفر فإن الله غني عن العالمين } فحج المؤمنون , وقعد الكفار . وقال آخرون : معنى ذلك : ومن كفر بهذه الآيات التي في مقام إبراهيم . ذكر من قال ذلك : 5940 - حدثني يونس , قال : أخبرنا ابن وهب , قال : قال ابن زيد في قوله : { ومن كفر فإن الله غني عن العالمين } . فقرأ { إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركا } فقرأ حتى بلغ : { من استطاع إليه سبيلا ومن كفر } قال : من كفر بهذه الآيات , { فإن الله غني عن العالمين } . ليس كما يقولون : إذا لم يحج وكان غنيا وكانت له قوة فقد كفر بها . وقال قوم من المشركين : فإنا نكفر بها ولا نفعل , فقال الله عز وجل : { فإن الله غني عن العالمين } وقال آخرون بما : 5941 - حدثني إبراهيم بن عبد الله بن مسلم , قال : أخبرنا أبو عمر الضرير , قال : ثنا حماد , عن حبيب بن أبي بقية , عن عطاء بن أبي رباح , في قوله : { ومن كفر فإن الله غني عن العالمين } قال : من كفر بالبيت . وقال آخرون : كفره به : تركه إياه حتى يموت . ذكر من قال ذلك : 5942 - حدثنا محمد بن الحسين , قال : ثني أحمد بن المفضل , قال : ثنا أسباط , عن السدي , أما من كفر فمن وجد ما يحج به ثم لا يحج , فهو كافر . وأولى التأويلات بالصواب في ذلك قول من قال : معنى { ومن كفر } : ومن جحد فرض ذلك وأنكر وجوبه , فإن الله غني عنه وعن حجه وعن العالمين جميعا . وإنما قلنا ذلك أولى به , لأن قوله : { ومن كفر } بعقب قوله : { ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا } بأن يكون خبرا عن الكافر بالحج , أحق منه بأن يكون خبرا عن غيره , مع أن الكافر بفرض الحج على من فرضه الله عليه بالله كافر , وإن الكفر أصله الجحود , ومن كان له جاحدا ولفرضه منكرا , فلا شك إن حج لم يرج بحجه برا , وإن تركه فلم يحج لم يره مأثما . فهذه التأويلات وإن اختلفت العبارات بها فمتقاربات المعاني .