تفسير الطبري

تفسير الآية رقم 109 من سورة النساء

القول في تأويل قوله : هَا أَنْتُمْ هَؤُلاءِ جَادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَمَنْ يُجَادِلُ اللَّهَ عَنْهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَمْ مَنْ يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلا (109)
قال أبو جعفر: يعني جل ثناؤه بقوله: " ها أنتم هؤلاء جادلتم عنهم في الحياة الدنيا "، ها أنتم الذين جادلتم، (53) يا معشر من جادل عن بني أبيرق=" في الحياة الدنيا "= و " الهاء " و " الميم " في قوله: " عنهم " من ذكر الخائنين.
=" فمن يجادل الله عنهم "، يقول: فمن ذا يخاصم الله عنهم=" يوم القيامة "، أي: يوم يقوم الناس من قبورهم لمحشرهم، (54) فيدافع عنهم ما الله فاعل بهم ومعاقبهم به. وإنما يعني بذلك: إنكم أيها المدافعون عن هؤلاء الخائنين أنفسهم، وإن دافعتم عنهم في عاجل الدنيا، فإنهم سيصيرون في آجل الآخرة إلى من لا يدافع عنهم عنده أحد فيما يحلُّ بهم من أليم العذاب ونَكال العقاب.
= وأما قوله: " أم من يكون عليهم وكيلا "، فإنه يعني: ومن ذا الذي يكون على هؤلاء الخائنين وكيلا يوم القيامة= أي: ومن يتوكل لهم في خصومة ربهم عنهم يوم القيامة.
* * *
وقد بينا معنى: " الوكالة "، فيما مضى، وأنها القيام بأمر من توكل له. (55)
-------------------
الهوامش :
(53) انظر ما قاله: في"ها أنتم أولاء" و"ها أنتم هؤلاء" فيما سلف 7 : 150 ، 151.
(54) انظر تفسير"يوم القيامة" فيما سلف 2 : 518 / 8 : 592.
(55) انظر تفسير"الوكيل" فيما سلف 7 : 405 / 8 : 566.