تفسير الطبري

تفسير الآية رقم 30 من سورة محمد

القول في تأويل قوله تعالى : وَلَوْ نَشَاءُ لأَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيمَاهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَعْمَالَكُمْ (30)
( وَلَوْ نَشَاءُ لأرَيْنَاكَهُمْ ) يقول تعالى : ولو نشاء يا محمد لعرّفناك هؤلاء المنافقين حتى تعرفهم من قول القائل: سأريك ما أصنع، بمعنى سأعلمك.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
وقوله: (فلعرفتهم بسيماهم) يقول: فلتعرفهم بعلامات النفاق الظاهرة منهم في فحوى كلامهم وظاهر أفعالهم ثم إن الله تعالى ذكره عرفه إياهم.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن سعد, قال: ثني أبي, قال: ثني عمي, قال: ثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس, قوله ( أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَنْ لَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ أَضْغَانَهُمْ )... إلى آخر الآية, قال: هم أهل النفاق, وقد عرّفه إياهم في براءة, فقال: وَلا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ ، وقال: فَقُلْ لَنْ تَخْرُجُوا مَعِيَ أَبَدًا وَلَنْ تُقَاتِلُوا مَعِيَ عَدُوًّا .
حُدثت عن الحسين, قال: سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد, قال: سمعت الضحاك يقول في قوله ( أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ )... الآية, هم أهل النفاق ( فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيمَاهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ ) فعرّفه الله إياهم في سوره براءة, فقال: وَلا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا ، وقال ( قل لهم لن تَنْفِرُوا (1) معي أبدا ولن تقاتلوا معي عدوا ) .
حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله ( أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَنْ لَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ أَضْغَانَهُمْ ) قال: هؤلاء المنافقون, قال: والذي أسروا من النفاق هو الكفر.
قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله ( وَلَوْ نَشَاءُ لأرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيمَاهُمْ ) قال: هؤلاء المنافقون, قال: وقد أراه الله إياهم, وأمر بهم أن يخرجوا من المسجد, قال: فأبوا إلا أن تمسكوا بلا إله إلا الله; فلما أبوا إلا أن تمسكوا بلا إله إلا إلله حُقِنت دماؤهم, ونكحوا ونوكحوا بها.
وقوله ( وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ ) يقول: ولتعرفنّ هؤلاء المنافقين في معنى قولهم نحوه.
حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله ( فِي لَحْنِ الْقَوْلِ ) قال قولهم: ( وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَعْمَالَكُمْ ) لا يخفى عليه العامل منكم بطاعته, والمخالف ذلك, وهو مجازي جميعكم عليها.
الهوامش:
(1) التلاوة " لن تخرجوا"