تفسير الطبري
تفسير الآية رقم 10 من سورة النجم
وقوله ( فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى ) يقول: فكان جبرائيل من محمد صلى الله عليه وسلم على قدر قوسين, أو أدنى من ذلك, يعني: أو أقرب منه, يقال: هو منه قاب قوسين, وقيب قوسين, وقيد قوسين, وقادَ قوسين, وقَدَى قوسين, كل ذلك بمعنى: قدر قوسين.
وقيل: إن معنى قوله ( فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ ) أنه كان منه حيث الوتر من القوس.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, قوله ( قَابَ قَوْسَيْنِ ) قال: حيث الوتر من القوس.
حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: ثنا ابن ثور, عن معمر, عن الحسن ( فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ ) قال: قِيد قوسين.
وقال ذلك قتادة.
حدثنا ابن حُميد, قال: ثنا مهران, عن سفيان, عن خصِيف, عن مجاهد ( فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ ) قال: قِيدَ, أو قدرَ قوسين.
حدثنا أبو كُريب, قال: ثنا أبو معاوية, عن إبراهيم بن طهمان, عن عاصم, عن زِرّ, عن عبد الله فكان قاب قوسين أو أدنى: قال: دنا جبريل عليه السلام منه حتى كان قدر ذراع أو ذراعين.
حدثنا ابن حُميد, قال: ثنا حكام, عن عمرو, عن عاصم, عن أبي رزين ( قَابَ قَوْسَيْنِ ) قال: ليست بهذه القوس, ولكن قدر الذراعين أو أدنى; والقاب: هو القيد.
واختلف أهل التأويل في المعنيّ بقوله ( فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى ) فقال بعضهم: في ذلك, بنحو الذي قلنا فيه.
حدثنا ابن أبي الشوارب, قال: ثنا عبد الواحد بن زياد, قال: ثنا سليمان الشيباني, قال: ثنا زرّ بن حُبيش, قال: قال عبد الله في هذه الآية ( فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى ) قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " رأيْتُ جبريلَ لَهُ سِتُّ مِئةِ جنَاحٍ".
حدثنا عبد الحميد بن بيان السكري, قال: ثنا خالد بن عبد الله, عن الشيباني, عن زرّ, عن ابن مسعود في قوله ( فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى ) قال: رأى جبرائيل ست مئة جناح في صورته.
حدثنا محمد بن عبيد, قال: ثنا قبيص بن ليث الأسدي, عن الشيباني, عن زرّ بن حبيش, عن عبد الله بن مسعود ( فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى ) قال: رأى النبيّ صلى الله عليه وسلم جبريل عليه السلام له ستّ مئة جناح.
حدثنا ابن وكيع, قال: ثنا ابن وهب, قال: ثنا ابن لهيعة, عن أبي الأسود, عن عروة, عن عائشة قالت: كان أوّل شأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه رأى في منامه جبريل عليه السلام بأجياد, ثم إنه خرج ليقضي حاجته, فصرخ به جبريل: يا محمد; فنظر رسول الله صلى الله عليه وسلم يمينا وشمالا فلم ير شيئا ثلاثا; ثم خرج فرآه, فدخل في الناس, ثم خرج, أو قال: ثم نظر " أنا أشك ", فرآه, فذلك قوله: وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى * مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى * وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى ... إلى قوله: ( فَتَدَلَّى ) جبريل إلى محمد صلى الله عليه وسلم ,( فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى ) يقول: القاب: نصف الأصبع. وقال بعضهم: ذراعين كان بينهما.
حدثنا ابن حُميد, قال: ثنا مهران, عن سفيان, عن الشيباني, عن زرّ بن حبيش, عن ابن مسعود ( فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى ) قال: له ستّ مئة جناح, يعني جبريل عليه السلام .
حدثنا إبراهيم بن سعيد, قال: ثنا أبو أسامة, قال: ثنا زكريا, عن ابن أشوع, عن عامر, عن مسروق, قال: قلت لعائشة: ما قوله ( ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى * فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى * فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى ) فقالت: إنما ذلك جبريل, كان يأتيه في صورة الرجال, وإنه أتاه في هذه المرّة في صورته, فسدّ أفق السماء.
وقال آخرون: بل الذي دنا فكان قاب قوسين أو أدنى: جبريل من ربه.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد ( فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى ) قال: الله من جبريل عليه السلام .
وقال آخرون: بل كان الذي كان قاب قوسين أو أدنى: محمد من ربه.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن حُميد, قال: ثنا مهران, عن موسى بن عبيد الحميري , عن محمد بن كعب القرظي, عن بعض أصحاب النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: قلنا يا نبيّ الله: هل رأيت ربك؟ قال: " لَمْ أرَهُ بعَيْني, ورأيتُهُ بفُؤَادي مَرَّتَيْن ", ثم تلا( ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى ) .
حدثنا خلاد بن أسلم, قال: أخبرنا النضر، قال: أخبرنا محمد بن عمرو بن علقمة بن وقاص الليثيّ, عن كثير, عن أنس بن مالك, قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لَمَّا عُرِجَ بي, مَضَى جِبْريل حتى جاءَ الجَنَّةَ, قالَ: فَدَخَلْتُ فأُعْطيتُ الكَوْثَر, ثُمَّ مَضَى حتى جاءَ السِّدْرَةَ المُنْتَهَى, فَدَنَا رَبُّكَ فَتَدَلَّى, فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى, فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى ".