تفسير الطبري

تفسير الآية رقم 65 من سورة الأنعام

القول في تأويل قوله : قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره لنبيه صلى الله عليه وسلم: قل لهؤلاء العادلين بربهم غيره من الأصنام والأوثان، يا محمد: إن الذي ينجيكم من ظلمات البرّ والبحر ومن كل كرب، ثم تعودون للإشراك به, هو القادر على أن يرسل عليكم عذابًا من فوقكم أو من تحت أرجلكم, لشرككم به، وادّعائكم معه إلهًا آخر غيره، وكفرانكم نعمه، مع إسباغه عليكم آلاءه ومِنَنه.
* * *
وقد اختلف أهل التأويل في معنى " العذاب " الذي توعد الله به هؤلاء القوم أن يبعثه عليهم من فوقهم أو من تحت أرجلهم.
فقال بعضهم: أما العذاب الذي توعدهم به أن يبعثه عليه من فوقهم، فالرجم. وأما الذي توعدهم أن يبعثه عليهم من تحتهم، فالخسف.
* ذكر من قال ذلك:
13344 - حدثنا محمد بن بشار وابن وكيع قالا حدثنا عبد الرحمن قال، حدثنا سفيان, عن السدي, عن أبي مالك: عذابًا من فوقكم، أو من تحت أرجلكم، قال: الخسف. (28)
13345 - حدثنا سفيان قال، حدثنا يحيى بن آدم, عن الأشجعي, عن سفيان, عن السدي, عن أبي مالك وسعيد بن جبير, مثله .
13346 - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبو سلمة, عن شبل, عن ابن نجيح, عن مجاهد: " قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابًا من فوقكم أو من تحت أرجلكم " ، قال الخسف .
13347 - حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط, عن السدي: " قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابًا من فوقكم "، فعذاب السماء =" أو من تحت أرجلكم "، فيخسف بكم الأرض .
13348 - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: " قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابًا من فوقكم أو من تحت أرجلكم " قال: كان ابن مسعود يصيح وهو في المجلس أو على المنبر: ألا أيها الناس، إنه نـزل بكم. إن الله يقول: " قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابًا من فوقكم "، لو جاءكم عذاب من السماء لم يبق منكم أحد =" أو من تحت أرجلكم "، لو خسف بكم الأرض أهلككم، لم يبق منكم أحد = أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ ، ألا إنه نـزل بكم أسوأ الثلاث. (29)
* * *
وقال آخرون: عنى بالعذاب من فوقكم، أئمةَ السوء =" أو من تحت أرجلكم "، الخدم وسِفلة الناس.
* ذكر من قال ذلك:
13349 - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، سمعت خلادًا يقول: سمعت عامر بن عبد الرحمن يقول: إن ابن عباس كان يقول في هذه: " قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابًا من فوقكم أو من تحت أرجلكم " ، فأما العذاب من فوقكم، فأئمة السوء = وأما العذاب من تحت أرجلكم، فخدم السوء. (30)
13350- حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية بن صالح, عن علي بن أبي طلحة, عن ابن عباس: " قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابًا من فوقكم " ، يعني من أمرائكم =" أو من تحت أرجلكم "، يعني: سفلتكم .
* * *
قال أبو جعفر: وأولى التأويلين في ذلك بالصواب عندي، قولُ من قال: عنى بالعذاب من فوقهم، الرجمَ أو الطوفان وما أشبه ذلك مما ينـزل عليهم من فوق رؤوسهم = ومن تحت أرجلهم، الخسفَ وما أشبهه. وذلك أن المعروف في كلام العرب من معنى " فوق " و " تحت " الأرجل, هو ذلك، دون غيره. وإن كان لما روي عن ابن عباس في ذلك وجه صحيح, غير أن الكلام إذا تُنُوزع في تأويله، فحمله على الأغلب الأشهر من معناه أحق وأولى من غيره، ما لم تأت حجة مانعة من ذلك يجب التسليم لها.
* * *
القول في تأويل قوله : أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: أو يخلطكم =" شيعًا "، فرقًا, واحدتها " شِيعة ".
* * *
وأما قوله: " يلبسكم " فهو من قولك: " لبَسْت عليه الأمر ", إذا خلطت," فأنا ألبِسه ". وإنما قلت إن ذلك كذلك, لأنه لا خلاف بين القرأة في ذلك بكسر " الباء ", ففي ذلك دليل بَيِّنٌ على أنه من: " لبَس يلبِس ", وذلك هو معنى الخلط. وإنما عنى بذلك: أو يخلطكم أهواء مختلفة وأحزابًا مفترقة. (31)
* * *
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
* ذكر من قال ذلك:
13351 - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبو أسامة, عن شبل, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد: " أو يلبسكم شيعًا "، الأهواء المفترقة.
13352- حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط, عن السدي: " أو يلبسكم شيعًا " ، قال: يفرق بينكم.
13353- حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد: " أو يلبسكم شيعًا "، قال: ما كان منكم من الفتن والاختلاف. (32)
13354 - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله : " أو يلبسكم شيعًا " ، قال: الذي فيه الناس اليوم من الاختلاف، والأهواء، وسفك دماء بعضهم بعضًا .
13355 - حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي, قال : حدثني عمي قال، حدثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس قوله: " أو يلبسكم شيعًا " ، قال: الأهواء والاختلاف.
13356- حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية بن صالح, عن علي بن أبي طلحة, عن ابن عباس: " أو يلبسكم شيعًا "، يعني بالشيع، الأهواء المختلفة .
* * *
وأما قوله: " ويذيق بعضكم بأس بعض "، فإنه يعني: بقتل بعضكم بيد بعض.
* * *
والعرب تقول للرجل ينال الرجل بسلام فيقتله به: " قد أذاق فلان فلانًا الموت "، و " أذاقه بأسه "، وأصل ذلك من: " ذوق الطعام " وهو يطعمه, ثم استعمل ذلك في كل ما وصل إلى الرجل من لذة وحلاوة، أو مرارة ومكروه وألم. (33)
* * *
وقد بينت معنى " البأس " في كلام العرب فيما مضى بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع. (34)
* * *
وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
* ذكر من قال ذلك:
13357- حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط, عن السدي: " ويذيق بعضكم بأس بعض " ، بالسيوف .
13358 - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو النعمان عارم قال، حدثنا حماد, عن أبي هارون العبدي, عن عوف البكالي أنه قال في قوله: " ويذيق بعضكم بأس بعض " ، قال: هي والله الرجال في أيديهم الحراب، يطعُنون في خواصركم .
13359 - حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية بن صالح, عن علي بن أبي طلحة, عن ابن عباس: " ويذيق بعضكم بأس بعض " ، قال: يسلط بعضكم على بعض بالقتل والعذاب.
13360 - حدثنا سعيد بن الربيع الرازي قال، حدثنا سفيان, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد قال: عذاب هذه الأمة أهل الإقرار، بالسيف " أو يلبسكم شيعًا ويذيق بعضكم بأس بعض " = وعذاب أهل التكذيب، الصيحة والزلزلة.
* * *
ثم اختلف أهل التأويل فيمن عني بهذه الآية.
فقال بعضهم: عني بها المسلمون من أمة محمد صلى الله عليه وسلم, وفيهم نـزلت.
* ذكر من قال ذلك:
13361 - حدثني محمد بن عيسى الدامغاني قال، أخبرنا ابن المبارك, عن الربيع بن أنس, عن أبي العالية في قوله : قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ الآية ، قال: فهن أربع، وكلهن عذاب, فجاء مستقرّ اثنتين، (35) بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم بخمس وعشرين سنة, فألبسوا شيعًا، وأذيق بعضهم بأس بعض, وبقيت اثنتان, فهما لا بدّ واقعتان = يعني: الخسف والمسخ. (36)
13362 - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد في قوله: مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ ، لأمة محمد صلى الله عليه وسلم, وأعفاكم منه =" أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا "، قال: ما كان فيكم من الفتن والاختلاف.
13363- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, مثله .
13364 - حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد, عن قتادة : قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا ، الآية. ذكر لنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صَلى ذات يوم الصبح فأطالها, فقال له بعض أهله: يا نبي الله، لقد صلّيت صلاة ما كنت تصَليها ؟ قال: إنها صلاةُ رَغبة ورَهبة, وإني سألت ربّي فيها ثلاثًا، سألته أن لا يسلط على أمتي عدوًّا من غيرهم، فيهلكهم، فأعطانيها. وسألته أن لا يسلط على أمتي السنة، فأعطانيها. (37) وسألته أن لا يلبسهم شيعًا ولا يذيق بعضهم بأس بعض, فمنعنيها. ذكر لنا أن نبيّ الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: لا تزال طائفةٌ من أمتي يقاتلون على الحق ظاهرين، لا يضرهم من خذلهم، حتى يأتي أمر الله.
13365 - حدثنا أحمد بن الوليد القرشي وسعيد بن الربيع الرازي قالا حدثنا سفيان بن عيينة، عن عمرو, سمع جابرًا يقول: لما أنـزل الله تعالى ذكره على النبي صلى الله عليه وسلم: (قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ) ، قال: أعوذ بوجهك =" أو يلبسكم شيعًا ويذيق بعضكم بأس بعض " ، قال: هاتان أيسر = أو: أهون. (38)
13366- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا ابن عيينة, عن عمرو, عن جابر, قال: لما نـزلت: (قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ) ، قال: نعوذ بك, نعوذ بك =" أو يلبسكم شيعًا " ، قال: هو أهون. (39)
13367 - حدثني زياد بن عبيد الله المزني قال، حدثنا مروان بن معاوية الفزاري قال، حدثنا أبو مالك قال، حدثني نافع بن خالد الخزاعي, عن أبيه: أنّ النبي صلى الله عليه وسلم صلى صلاة خفيفة تامة الركوع والسجود، فقال: قد كانت صلاة رغبة ورهبة, فسألت الله فيها ثلاثًا، فأعطاني اثنتين, وبقي واحداة. سألت الله أن لا يصيبكم بعذاب أصاب به مَن قبلكم، فأعطانيها. وسألت الله أن لا يسلِّط عليكم عدوًّا يستبيح بيضتكم، فأعطانيها. وسألته أن لا يلبسكم شيعًا ويذيق بعضكم بأس بعض, فمنعنيها = قال أبو مالك: فقلت له: أبوك سمع هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال: نعم، سمعته يحدث بها القوم أنه سمعها مِن في رسول الله صلى الله عليه وسلم. (40)
13368 - حدثني محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور عن معمر، عن أيوب, عن أبي قلابة, عن أبي الأشعث, عن أبي أسماء الرحبي, عن شداد بن أوس يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم: أنه قال: إن الله زَوى لي الأرض حتى رأيت مشارقها ومغاربَها, وإنّ ملك أمتي سيبلغ ما زُوي لي منها, وإني أعطيت الكنـزين الأحمرَ والأبيض, وإني سألت ربّي أن لا يهلك قومي بسَنَةٍ عامة، وأن لا يلبسهم شيعًا، ولا يذيق بعضهم بأس بعض, فقال: يا محمد, إني إذا قضيت قضاءً فإنه لا يردّ, وإني أعطيتك لأمتك أن لا أهلكهم بسنة عامة، ولا أسلِّط عليهم عدوًّا ممن سواهم فيهلكهم بعامة، (41) حتى يكون بعضهم يهلك بعضًا، وبعضهم يقتل بعضًا، وبعضهم يسبي بعضًا. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إني أخاف على أمتي الأئمة المضلين, فإذا وضع السيف في أمتي، لم يُرفع عنهم إلى يوم القيامة. (42)
13369- حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر قال، أخبرني أيوب, عن أبي قلابة, عن أبي الأشعث, عن أبي أسماء الرحبي, عن شداد بن أوس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم, فذكر نحوه = إلا أنه قال : وقال النبي صلى الله عليه وسلم: إني لا أخاف على أمتي إلا الأئمة المضلين. (43)
13370 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور قال، حدثنا معمر, عن الزهري قال: راقب خباب بن الأرتّ, وكان بدريًّا, النبيَّ صلى الله عليه وسلم وهو يصلي, حتى إذا فرغ، وكان في الصبح، قال له: يا رسول الله, لقد رأيتك تصلي صلاة ما رأيتك صليت مثلها ؟ قال: أجل, إنها صلاة رَغَبٍ ورَهَبٍ, سألت ربي ثلاث خصال، فأعطاني اثنتين، ومنعني واحدة: سألته أن لا يهلكنا بما أهلك به الأمم، فأعطاني. وسألته أن لا يسلط علينا عدوًّا، فأعطاني. وسألته أن لا يلبسنا شيعًا، فمنعني. (44)
13371- حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر, عن الزهري في قوله: " أو يلبسكم شيعًا "، قال: راقب خبابُ بن الأرت, وكان بدريًّا, رسولَ الله صلى الله عليه وسلم, فذكر نحوه = إلا أنه قال: ثلاث خصلات. (45)
13372- حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر, عن عمرو بن دينار قال: سمعت جابر بن عبد الله يقول: لما نـزلت على النبي صلى الله عليه وسلم: قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ ، قال النبي صلى الله عليه وسلم: أعوذ بوجهك = أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ ، قال النبي صلى الله عليه وسلم: أعوذ بوجهك =" أو يلبسكم شيعًا " ، قال: هذه أهون. (46)
13373 - حدثني يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا ابن علية, عن يونس, عن الحسن : أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: سألت ربّي أربعًا، فأعطيت ثلاثًا ومنعت واحداة: سألته أن لا يسلط على أمتي عدوًّا من غيرهم يستبيح بيضتهم, ولا يسلط عليهم جوعًا, ولا يجمعهم على ضلالة، فأعطيتهن = وسألته أن لا يلبسهم شيعًا ويذيق بعضهم بأس بعض, فمنعتُ.
13374 - حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط, عن السدي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إني سألت ربي خصالا فأعطاني ثلاثًا ومنعني واحدة: سألته أن لا تكفر أمتي صفقة واحدة، فأعطانيها. وسألته لا يُظهر عليهم عدوًّا من غيرهم، فأعطانيها. وسألته أن لا يعذبهم بما عذب به الأمم من قبلهم، فأعطانيها. وسألته أن لا يجعل بأسهم بينهم, فمنعنيها.
13375 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج, عن أبي بكر, عن الحسن قال: لما نـزلت هذه الآية, قوله: " ويذيق بعضكم بأس بعض " ، قال الحسن: ثم قال لمحمد صلى الله عليه وسلم وهو يُشهده عليهم: انْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الآيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ ، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فتوضأ, فسأل ربه أن لا يرسل عليهم عذابًا من فوقهم أو من تحت أرجلهم، ولا يلبس أمته شيعًا ويذيق بعضهم بأس بعض كما أذاق بني إسرائيل, فهبط إليه جبريل عليه السلام فقال: يا محمد، إنك سألت ربك أربعًا, فأعطاك اثنتين ومنعك اثنتين: لن يأتيهم عذاب من فوقهم، ولا من تحت أرجلهم يستأصلهم، فإنهما عذابان لكل أمة اجتمعت على تكذيب نبيها وردِّ كتاب ربها، ولكنهم يلبسهم شيعًا ويذيق بعضهم بأس بعض, (47) وهذان عذابان لأهل الإقرار بالكتاب والتصديق بالأنبياء, ولكن يعذبون بذنوبهم، وأوحي إليه: فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنْهُمْ مُنْتَقِمُونَ ، يقول: من أمتك = أَوْ نُرِيَنَّكَ الَّذِي وَعَدْنَاهُمْ = من العذاب وأنت حي = فَإِنَّا عَلَيْهِمْ مُقْتَدِرُونَ [سورة الزخرف: 41،42]. فقام نبي الله صلى الله عليه وسلم فراجع ربه, فقال : أيّ مصيبة أشدّ من أن أرى أمتي يعذب بعضها بعضًا! وأوحي إليه: الم * أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ ، [سورة العنكبوت: 1،3]، فأعلمه أن أمته لم تخصّ دون الأمم بالفتن, وأنها ستبلى كما ابتليت الأمم. ثم أنـزل عليه: قُلْ رَبِّ إِمَّا تُرِيَنِّي مَا يُوعَدُونَ * رَبِّ فَلا تَجْعَلْنِي فِي الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ [سورة المؤمنون: 93،94] ، فتعوّذ نبي الله, فأعاذه الله, لم يرَ من أمته إلا الجماعة والألفة والطاعة. ثم أنـزل عليه آية حذّر فيها أصحابه الفتنة, فأخبره أنه إنما يُخَصّ بها ناسٌ منهم دون ناس, فقال: وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ، [سورة الأنفال: 25] ، فخصّ بها أقوامًا من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم بعده، وعصم بها أقوامًا.
13376 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج, عن أبي جعفر, عن الربيع بن أنس, عن أبي العالية قال: لما جاء جبريل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره بما يكون في أمته من الفرقة والاختلاف, فشق ذلك عليه, ثم دعا فقال: اللهم أظهر عليهم أفضلهم بقية. (48)
13377 - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو الأسود قال، أخبرنا ابن لهيعة, عن خالد بن يزيد, عن أبي الزبير قال: لما نـزلت هذه الآية: قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أعوذ بالله من ذلك ! = قال: أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ ، قال: أعوذ بالله من ذلك = قال: " أو يلبسكم شيعًا "، قال: هذه أيسر ! ولو استعاذه لأعاذه. (49)
13378- حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا المؤمل البصري قال، أخبرنا يعقوب بن إسماعيل بن يسار المديني قال، حدثنا زيد بن أسلم قال: لما نـزلت: (قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ) ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا ترجعوا بعدي كفارًا يضرب بعضكم رقابَ بعض بالسيوف! فقالوا: ونحن نشهد أن لا إله إلا الله، وأنك رسول الله! قال: نعم! فقال بعض الناس: لا يكون هذا أبدًا! فأنـزل الله: انْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الآيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ * وَكَذَّبَ بِهِ قَوْمُكَ وَهُوَ الْحَقُّ قُلْ لَسْتُ عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ * لِكُلِّ نَبَإٍ مُسْتَقَرٌّ وَسَوْفَ تَعْلَمُونَ . (50)
* * *
وقال آخرون: عنى ببعضها أهل الشرك، وببعضها أهل الإسلام .
* ذكر من قال ذلك:
13379- حدثني المثنى قال، حدثنا سويد بن نصر قال، أخبرنا ابن المبارك, عن هارون بن موسى, عن حفص بن سليمان, عن الحسن في قوله: قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ ، قال: هذا للمشركين =" أو يلبسكم شيعا ويذيق بعضكم بأس بعض "، قال: هذا للمسلمين.
* * *
قال أبو جعفر: والصواب من القول عندي أن يقال: إنّ الله تعالى ذكره توعَّد بهذه الآية أهلَ الشرك به من عبدة الأوثان، وإياهم خاطبَ بها, لأنها بين إخبار عنهم وخطاب لهم, وذلك أنها تتلو قوله: قُلْ مَنْ يُنَجِّيكُمْ مِنْ ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ تَدْعُونَهُ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً لَئِنْ أَنْجَانَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ * قُلِ اللَّهُ يُنَجِّيكُمْ مِنْهَا وَمِنْ كُلِّ كَرْبٍ ثُمَّ أَنْتُمْ تُشْرِكُونَ ، ويتلوها قوله: وَكَذَّبَ بِهِ قَوْمُكَ وَهُوَ الْحَقُّ . وغير جائز أن يكون المؤمنون كانوا به مكذبين ، فإذا كان غير جائز أن يكون ذلك كذلك, وكانت هذه الآية بين هاتين الآيتين, كان بيّنًا أن ذلك وعيدٌ لمن تقدّم وصف الله إياه بالشرك، وتأخر الخبر عنه بالتكذيب = لا لمن لم يجر له ذكر. غير أن ذلك وإن كان كذلك، فإنه قد عم وعيدُه بذلك كلَّ من سلك سبيلهم من أهل الخلاف على الله وعلى رسوله، والتكذيب بآيات الله من هذه وغيرها.
وأما الأخبار التي رويت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: " سألت ربي ثلاثًا, فأعطاني اثنتين، ومنعني واحدة " ، فجائز أن هذه الآية نـزلت في ذلك الوقت وعيدًا لمن ذكرتُ من المشركين، ومن كان على منهاجهم من المخالفين ربهم, فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم ربه أن يعيذ أمته مما ابتلى به الأمم الذين استوجبوا من الله تعالى ذكره بمعصيتهم إياه هذه العقوبات، فأعاذهم بدعائه إياه ورغبته إياه، من المعاصي التي يستحقون بها من هذه الخلال الأربع من العقوبات أغلظها، ولم يُعذهم من ذلك ما يستحقون به اثنتين منها.
وأما الذين تأوّلوا أنه عني بجميع ما في هذه الآية هذه الأمة, فإني أراهم تأوّلوا أن في هذه الأمة من سيأتي من معاصي الله وركوب ما يُسخط الله، نحو الذي ركب مَن قبلهم من الأمم السالفة، من خلافه والكفر به, فيحلّ بهم مثل الذي حلّ بمن قبلهم من المثلات والنقمات، وكذلك قال أبو العالية ومن قال بقوله: " جاء منهن اثنتان بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم بخمس وعشرين سنة. وبقيت اثنتان، الخسف والمسخ "، وذلك أنه رُوي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : " سيكون في هذه الأمة خسف ومسخ وقذف "، (51) = وأن قومًا من أمته سيبيتون على لهو ولعب، ثم يصبحون قردة وخنازير. (52) وذلك إذا كان, فلا شك أنه نظير الذي في الأمم الذين عتوا على ربهم في التكذيب وجحدوا آياته. وقد روي نحو الذي روي عن أبي العالية, عن أبيّ.
13380 - حدثنا هناد قال، حدثنا وكيع = وحدثنا سفيان قال، أخبرنا أبي =، عن أبي جعفر الرازي, عن الربيع, عن أبي العالية, عن أبي بن كعب: (قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا) ، قال: أربع خِلال, وكلهن عذاب, وكلهن واقعٌ قبل يوم القيامة, فمضت اثنتان بعد وفاة النبيّ صلى الله عليه وسلم بخمس وعشرين سنة، ألبسوا شيعًا, وأذيق بعضهم بأس بعض. وثنتان واقعتان لا محالة: الخسف والرجم. (53)
* * *
القول في تأويل قوله : انْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الآيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ (65)
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: انظر، يا محمد، بعين قلبك إلى ترديدنا حججنا على هؤلاء المكذبين بربّهم = الجاحدين نعمه، وتصريفناها فيهم (54) =" لعلهم يفقهون " ، يقول: ليفقهوا ذلك ويعتبروه, (55) فيذّكروا ويزدجروا عما هم عليه مقيمون مما يسخطه الله منهم، من عبادة الأوثان والأصنام، والتكذيب بكتاب الله تعالى ذكره ورسوله صلى الله عليه وسلم .
------------------------
الهوامش :
(28) في المطبوعة ، كنص الآية ، ولكني رددت ما في المخطوطة إلى حاله.
(29) في المطبوعة خلاف ما في المخطوطة ، وفي المخطوطة أخطاء. في المخطوطة: " . . . عذابًا من فوقكم أو من تحت أرجلكم أو جاءكم عذاب من السماء" ، وفيها أيضًا: "أو من تحت أرجلكم يخسف بكم الأرض" ، وصواب هاتين فيما في المطبوعة ، وكان في المطبوعة نصب"أحد" في الموضعين ، وكان فيها أيضًا: "أهلككم ولم يبق" بالواو ، وأثبت ما في المخطوطة.
(30) الأثر: 13349 -"خلاد" ، هو"خلاد بن سليمان الحضرمي المصري" ، كان خياطًا أميًّا لا يكتب ، وكان من الخائفين. روى عنه ابن وهب. ثقة. مترجم في التهذيب ، والكبير 2/1/172 ، وابن أبي حاتم 1/2/365.
وأما "عامر بن عبد الرحمن" ، فإن البخاري وابن أبي حاتم ، ذكراه في ترجمة خلاد ، وذكر أنه سمع منه ، ولكني لم أجد له ترجمة فيما بين يدي من المراجع. وهذا عجيب.
(31) انظر تفسير"لبس" فيما سلف 1: 567 ، 568/6: 503 - 505/11 : 270
(32) في المطبوعة: "من التفرق" ، وفي المخطوطة: "من العير" غير منقوطة ، وصواب قراءتها ما أثبت.
(33) انظر تفسير"الذوق" فيما سلف 7: 96 ، 446 ، 452/8: 487/11 : 47 ، 324 ولكنه لن يبينه بيانًا شافيًا في المواضع السالفة ، وأبان عنه هنا إبانة تامة ، وهذا ضرب من ضروب اختصاره في تفسيره.
(34) انظر تفسير"البأس" فيما سلف 8 : 580/11 : 357.
(35) في المطبوعة: "فجاء منهن اثنتان" ، غير ما في المخطوطة ، وهو واضح فيها جدًا ، وهو صواب أيضًا.
(36) الأثر: 13361 -"محمد بن عيسى الدامغاني" ، شيخ أبي جعفر ، مضى برقم: 3225.
وانظر خبر أبي العالية ، عن أبي بن كعب ، رقم: 13380. وتخريجه هناك.
(37) "السنة" ، الجدب والقحط.
(38) الأثر: 13665 -"أحمد بن الوليد القرشي" ، مضى برقم: 1692: "وأحمد بن الوليد" بدون نسبة ، وقال أخي السيد أحمد هناك: "ولم أعرف من هو". وأزيد أني وجدت أبا جعفر يروي في تاريخه 1: 167 عن شيخه"أحمد بن الوليد الرملي" ثم سماه"أحمد بن الوليد" بلا نسبة ، وهو يروي في هذه الأسانيد ، عن: "إبراهيم بن زياد" ، و"إسحق بن المنذر" و"عبد الملك بن يزيد" ، و"عمرو بن عون" و"محمد بن الصباح" و"سعدويه". ثم روي عنه في المنتخب من ذيل المذيل (تاريخه 13: 104) ، وروى"أحمد بن الوليد" في هذا الإسناد ، عن"الربيع بن يحيى". جمعت هذا حتى أتحقق معرفته ونسبته ، أما تخريج الخبر ، ففي التعليق التالي.
(39) الأثران: 13365 ، 13366 -"عمرو" ، هو"عمرو بن دينار". رواه البخاري (الفتح 8: 219) من طريق حماد بن زيد ، عن عمرو بن دينار. وقال الحافظ ابن حجر: "وقع في الاعتصام من وجه آخر ، عن ابن عيينة ، عن عمرو بن دينار ، سمعت جابرًا ، وكذا للنسائي من طريق معمر ، عن عمرو بن دينار ويعني ما رواه البخاري الفتح 13 ، 329 وسيأتي من طريق معمر ، عن عمرو بن دينار فيما يلي رقم: 13372. ورواه الترمذي في كتاب التفسير من سننه ، وقال: "هذا حديث حسن صحيح".
(40) الأثر: 13367 -"زياد بن عبيد الله المزني" ، هكذا جاء هنا"المزني" ، ومضى برقم: 8284: "زياد بن عبيد الله المري" ، وقد كتب عنه أخي السيد أحمد فيما سلف ، وقال إنه لم يعرفه ، وقال إنه من المحتمل أن يكون: "زياد بن عبد الله بن خزاعي" ، لأنه يروى أيضًا عن"مروان بن معاوية" ، ولكن مجيئه هنا أيضًا"زياد بن عبيد الله" يضعف هذا الاحتمال.
و"مروان بن معاوية الفزاري" ثقة ، من شيوخ أحمد. مضى برقم: 1222 ، 3322 ، 3842 ، 7685.
و"أبو مالك" هو"الأشجعي" ، واسمه"سعد بن طارق بن أشيم"؛ روى عن أبيه ، وأنس ، وعبد الله بن أبي أوفى ، وربعي بن حراش ، وغيرهم ، وثقه أحمد. مترجم في التهذيب ، والكبير 2/2/59 ، وابن أبي حاتم 2/1/86.
و"نافع بن خالد الخزاعي" ، روى عن أبيه ، روى عنه أبو مالك الأشجعي سعد بن طارق ، مترجم في لسان الميزان 6: 145 ، والكبير للبخاري 4/2/85 ، وابن أبي حاتم 4/1/457. ولم يذكر البخاري ولا ابن أبي حاتم فيه جرحًا ، ولكن الحافظ ابن حجر أخطأ في لسان الميزان خطأ شنيعًا ، فقال: "قال ابن أبي حاتم عن أبيه في ترجمته : هو ونافع مجهولان" ، وهو سهو شديد ، فإن الذي قال ذلك عنه ابن أبي حاتم ، خالد آخر ، وهو موجود في كتابه 1/2/362 برقم: 1643 هكذا: "خالد ، روى عن أبيه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، روى عنه ابنه محمد. سمعت أبي يقول ذلك ، ويقول: هما مجهولان". أما "خالد الخزاعي" ، فقد قال عنه: "روى عنه ابنه نافع ، يعد في الكوفيين ، سمعت أبي يقول ذلك" ، وهو موجود قبل تلك الترجمة برقم: 1642. وهذا سهو شديد ينبغي أن يصحح. وأبوه: "خالد الخزاعي الأزدي" غير مبين النسب ، ترجم له البخاري في الكبير 2/1/127 ، وقال: "يعد في الكوفيين" ، وقال ابن أبي حاتم 1/2/362: "له صحبة ، روى عنه ابنه نافع" ، كما ذكرت قبل. وترجم له الحافظ في الإصابة.
وهذا خبر رجاله ثقات ، كما قال الحافظ ابن حجر في الإصابة في ترجمته. وقد أشار إلى هذا الخبر ، البخاري في تاريخه 2/1/127 ، من طريق ابن أبي زائدة ، عن سعد بن طارق ، عن نافع بن خالد الخزاعي ، قال حدثني أبي ، وكان من أصحاب الشجرة: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا صلى والناس ينظرون ، صلى صلاة خفيفة تامة الركوع والسجود. وأشار إليه الحافظ أيضًا في الفتح (8: 221) ، وأما في الإصابة فقد قال: "روى الحسن بن سفيان ، وأبو يعلى ، والطبراني في تفسيره ، وغيرهم ، من طريق أبي مالك. . . ." ثم ذكر الخبر وقال: "رجاله ثقات".
وخرجه الهيثمي في مجمع الزوائد 7: 222 ، بنحوه ، ثم قال: "رواه الطبراني بأسانيد ، ورجال بعضها رجال الصحيح ، غير نافع بن خالد. وقد ذكره ابن أبي حاتم ، ولم يجرحه أحد. ورواه البزار". وخرجه ابن كثير في تفسيره 3: 329 ، من رواية الحافظ أبي بكر بن مردويه ، عن عبد الله بن إسمعيل بن إبراهيم الهاشمي ، وميمون بن إسحق بن الحسن الحنفي ، كلاهما عن أحمد بن عبد الجبار ، عن محمد بن فضيل ، عن أبي مالك الأشجعي ، مطولا. وخرجه السيوطي في الدر المنثور 3: 19 ، ونسبه لابن جرير وابن مردويه ، ولم يزد شيئًا. وأخرج الترمذي في الفتن ، من حديث خباب بن الأرت ، مثله ، كما سيأتي في رقم: 13370. وقوله: "يستبيح بيضتهم" ، يريد: جماعتهم وأصلهم ومجتمعهم ، وموضع سلطانهم ، ومستقر دعوتهم. يقول: لا تسلط عليهم عدوًا يستأصلهم ويهلكهم جميعًا. قالوا: وذلك أن أصل البيضة إذا أهلك ، كان ذلك هلاك كل ما فيها من طعم أو فرخ. وإذا لم يهلك أصل البيضة ، ربما سلم بعض فراخها. وقال غيرهم: "البيضة": ساحة القوم ومعظم دارهم. وهذا أقرب عندي.
(41) في المطبوعة: "فيهلكهم" ، وفي المخطوطة: "فيهلكوهم هم" ، وخلط في كتابتها ، والصواب من المسند.
(42) الأثر: 13268 -"أبو الأشعث الصنعاني" ، هو"شراحبيل بن آدة" ، من صنعاء الشام ، تابعي ثقة. مترجم في التهذيب. و"أبو أسماء الرحبي" ، هو"عمرو بن مرثد" تابعي ثقة ، مضى برقم: 4844. و"شداد بن أوس بن ثابت الأنصاري" ، صحابي ، قال عباد بن الصامت: "شداد بن أوس. من الذين أوتوا العلم والحلم ، ومن الناس من أوتى أحدهما". وهذا الخبر ، رواه أحمد في مسنده 4: 123 ، من طريق عبد الرزاق ، عن معمر ، عن أيوب ، بمثل رواية أبي جعفر. وأشار إلى روايته من حديث شداد ، الحافظ ابن حجر في الفتح (8: 221) وقال: "وأخرج الطبري من حديث شداد ، نحوه ، بإسناد صحيح" ، يعني: نحو حديث ثوبان كما سأشير إليه بعد. وخرجه ابن كثير في تفسيره 3: 328 ، 329 ، من مسند أحمد ، وقال: "ليس في شيء من الكتب الستة ، وإسناده جيد قوي. وقد رواه ابن مردويه من حديث حماد بن زيد ، وعباد بن منصور ، وقتادة ، ثلاثتهم عن أيوب ، عن أبي قلابة ، عن أبي أسماء ، عن ثوبان ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، بنحوه والله أعلم". وروي هذا الخبر بنحو هذا اللفظ من طريق أيوب ، عن أبي قلابة ، عن أبي أسماء ، عن ثوبان. بنحو هذا اللفظ. رواه مسلم في صحيحه 18: 12 ، 14 ، وأبو داود في سننه 4: 138 ، مطولا ، وخرجه السيوطي عن ثوبان. في الدر المنثور 3: 17 ، وقال: "أخرج أحمد ، وعبد بن حميد ، ومسلم ، وأبو داود ، والترمذي ، وابن ماجه ، والبزار ، وابن حبان ، والحاكم وصححه ، واللفظ له ، وابن مردويه" ثم ساق لفظ الحاكم في المستدرك.مطولا. قوله: "زوى لي الأرض": جمعها وقبضها حتى يراها جميعًا.
و"السنة": القحط. وقال النووي في شرح مسلم: "وهذا الحديث فيه معجزات ظاهرة وقعت كلها بحمد الله ، كما أخبر به صلى الله عليه وسلم. قال العلماء: المراد بالكنزين الذهب والفضة. والمراد كنزي كسرى وقيصر ، ملكي العراق والشام. فيه إشارة إلى أن ملك هذه الأمة يكون معظم امتداد في جهتي المشرق والمغرب. وهكذا وقع. وأما في جهتي الجنوب والشمال فقليل بالنسبة إلى المشرق والمغرب. وصلوات الله وسلامه على رسوله الصادق الذي لا ينطق عن الهوى ، إن هو إلا وحي يوحى".
(43) الأثر: 13369 - انظر التعليق على الأثر السالف. ومن هذه الطريق ، رواه أحمد في مسنده 4: 123 ، بمثل ما ذكر أبو جعفر.
(44) الأثر: 13370 - هذا الخبر رواه أحمد في مسنده 5: 108 ، والترمذي في كتاب الفتن ، موصولا ، من طريق الزهري ، عن عبد الله بن الحارث بن نوفل ، عن عبد الله بن خباب بن الأرت ، عن خباب بن الأرت ، مولى بني زهرة. وخرجه ابن كثير في تفسيره 3: 328 ، من مسند أحمد ، ثم قال: "ورواه النسائي من حديث شعيب بن أبي حمزة ، عن الزهري ، به ، ومن وجه آخر. وابن حبان في صحيحه بإسناديهما عن صالح ابن كيسان. والترمذي في الفتن من حديث النعمان بن راشد ، كلاهما عن الزهري ، به. وقال: حسن صحيح". وخرجه السيوطي في الدر المنثور 3: 18 ، وقال: "أخرج عبد الرزاق ، وعبد بن حميد ، والترمذي وصححه ، والنسائي ، وابن جرير ، وابن مردويه ، عن خباب بن الأرت" ، وساق الخبر. وقوله: "رغب ورهب" كلاهما بفتحتين ، أي: الرغبة والرهبة.
(45) الأثر: 13371 - انظر التعليق على الأثر السالف.
(46) الأثر: 13372 - انظر التعليق على الأثرين السالفين رقم: 13365 ، 13366 ، فهذه طريق أخرى.
(47) هكذا في المطبوعة والمخطوطة: "ولكنهم يلبسهم . . ." ، وهو جائز ، والأجود"ولكنه يلبسهم" ، وأخشى أن يكون ما في النسخ من الناسخ.
(48) في المطبوعة: "أفضلهم تقية" ، وكأن صواب قراءتها ما أثبت ، فإنها في المخطوطة غير منقوطة"وقوله: "بقية" ، أي: إبقاء على من يظهر عليه ويظفر به.
(49) الأثر: 13377 -"خالد بن يزيد" هو الجمحي ، المصري. مضى برقم: 3965 ، 5465 ، 9185 ، 9507 ، 12283. و"أبو الزبير" ، هو"محمد بن مسلم المكي" ، مضى مرارًا.
(50) الأثر: 13378 -"المؤمل البصري" ، هو: "مؤمل بن إسمعيل البصري" ، وقد سلف مرارًا برقم: 2057 ، 3337 ، 5728 ، 8356 ، 8367.
وأما "يعقوب بن إسمعيل بن يسار المديني" ، فلم أجد له ذكرًا في كتب التراجم ، وهذا غريب.
(51) هذا حديث عائشة ، رواه الترمذي في الفتن بإسناده ، ونصه:
"عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يكون في آخر هذه الأمة خسفٌ ومَسْخٌ وقَذْفٌ. قالت: قلت: يا رسول الله ، أنهلك وفينا الصالحون؟ قال: نعم ، إذا ظهر الخَبَثُ" ، قال الترمذي: "هذا حديثٌ غريبٌ من حديث عائشة ، لا نعرفه إلا من هذا الوجه. وعبد الله بن عمر ، تكلم فيه يحيى بن سعيد من قبل حفظه" يعني راوي الخبر: "عبد الله بن عمر ، عن عبيد الله ، عن القاسم بن محمد ، عن عائشة".
(52) روى البخاري (الفتح 10: 47 - 49) من حديث أبي مالك وأبي عامر الأشعري قال: "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ليكونن من أُمتي قومٌ يستحِلُّون الحِرِ (أي: الزنا) والحرير والخمر والمعازف ، وليزلنَّ أقوامٌ إلى جنب عَلَم ، تروح عليهم سارحةٌ لهم ، فيأتيهم رجلٌ لحاجته ، فيقولون: ارجع إلينا غدًا! فيبيِّتهم الله تعالى ويضع العَلَم ، ويمسخ آخرين قِردةً وخنازير إلى يوم القيامة".
(53) الأثر: 13380 - إسناده صحيح ، رواه أحمد في مسنده 5: 134 ، 135 من طريق وكيع ، عن أبي جعفر الراوي ، عن الربيع. عن أبي العالية ، مثله.
وخرجه الهيثمي في مجمع الزوائد 7: 21 ، ثم قال: "رواه أحمد ، ورجاله ثقات. قلت: والظاهر أن من قوله: فمضت اثنتان ، إلى آخره ، من قول رفيع (يعني أبا العالية) ، فإن أبي بن كعب لم يتأخر إلى زمن الفتنة". وذكر مثل ذلك من علة هذا الخبر ، الحافظ ابن حجر في الفتح (8: 220) ثم قال: "وأعل أيضًا بأنه مخالف لحديث جابر وغيره. وأجيب بأن طريق الجمع: أن الإعاذة المذكورة في حديث جابر وغيره ، مقيدة بزمان مخصوص ، وهو وجود الصحابة والقرون الفاضلة ، وأما بعد ذلك فيجوز وقوع ذلك فيهم. وقد روى أحمد والترمذي من حديث سعد بن أبي وقاص قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هذه الآية: "قل هو القادر" ، إلى آخرها فقال: أما إنها كائنة ، ولم يأت تأويلها بعد. وهذا يحتمل أن لا يخالف حديث جابر بأن المراد بتأويلها ما يتعلق بالفتن ونحوها". وذكر الخبر ابن كثير في تفسيره 3: 331 ، وخرجه السيوطي في الدر المنثور 3: 17 ، وزاد نسبته لابن أبي شيبة ، وعبد بن حميد ، وابن أبي حاتم ، وأبي الشيخ ، وابن مردويه ، وأبي نعيم في الحلية.
(54) انظر تفسير"تصريف الآيات" فيما سلف: 365
(55) انظر تفسير"فقه" فيما سلف 8: 557/11 : 307