تفسير الطبري
تفسير الآية رقم 26 من سورة المرسلات
وجائز أن يكون عُني بقوله: ( كِفَاتًا * أَحْيَاءً وَأَمْوَاتًا ) تكفت أذاهم في حال حياتهم، وجيفهم بعد مماتهم.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، في قوله: ( أَلَمْ نَجْعَلِ الأَرْضَ كِفَاتًا ) يقول: كِنًّا.
حدثنا عبد الحميد بن بيان، قال: أخبرنا خالد، عن مسلم، عن زاذان أبي عمر، عن الربيع بن خثيم، عن عبد الله بن مسعود، أنه وجد قملة في ثوبه، فدفنها في المسجد ثم قال: (أَلَمْ نَجْعَلِ الأَرْضَ كِفَاتًا * أَحْيَاءً وَأَمْوَاتًا ) .
حدثنا أبو كُريب، قال: ثنا أبو معاوية، قال: ثنا مسلم الأعور، عن زاذان، عن ربيع بن خثيم، عن عبد الله، مثله.
حدثني يعقوب، قال: ثنا ابن علية، عن ليث، قال: قال مجاهد في الذي يرى القملة في ثوبه وهو في المسجد، ولا أدري قال في صلاة أم لا إن شئت فألقها، وإن شئت فوارها ( أَلَمْ نَجْعَلِ الأَرْضَ كِفَاتًا * أَحْيَاءً وَأَمْوَاتًا ) .
حدثنا أبو كُريب، قال: ثنا وكيع، عن شريك، عن بيان، عن الشعبيّ ( أَلَمْ نَجْعَلِ الأَرْضَ كِفَاتًا* أَحْيَاءً وَأَمْوَاتًا ) قال: بطنها لأمواتكم، وظهرها لأحيائكم.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن عثمان بن الأسود، عن مجاهد ( أَلَمْ نَجْعَلِ الأَرْضَ كِفَاتًا ) قال: تكفت أذاهم ( أَحْيَاءً ) تواريه ( وَأَمْوَاتًا ) يدفنون: تكفتهم.
وقد حدثني به ابن حميد مرّة أخرى، فقال: ثنا مهران، عن سفيان، عن عثمان بن الأسود، عن مجاهد ( أَلَمْ نَجْعَلِ الأَرْضَ كِفَاتًا ) قال: تكفت أذاهم وما يخرج منهم ( أَحْيَاءً وَأَمْوَاتًا ) قال: تكفتهم في الأحياء والأموات.
حدثني محمد بن عمرو، قال: تنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد ( أَلَمْ نَجْعَلِ الأَرْضَ كِفَاتًا * أَحْيَاءً وَأَمْوَاتًا ) قال: أحياء يكونون فيها، قال محمد بن عمرو: يغيبون فيها ما أرادوا، وقال الحارث: ويغيبون فيها ما أرادوا. وقوله: ( أَحْيَاءً وَأَمْوَاتًا ) قال: يدفنون فيها.
&; 24-135 &;
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: ( أَلَمْ نَجْعَلِ الأَرْضَ كِفَاتًا * أَحْيَاءً وَأَمْوَاتًا ) يسكن فيها حيهم، ويدفن فيها ميتهم.
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة ( أَحْيَاءً وَأَمْوَاتًا ) قال: أحياء فوقها على ظهرها، وأمواتا يُقبرون فيها.
واختلف أهل العربية في الذي نصب ( أَحْيَاءً وَأَمْوَاتًا ) فقال بعض نحويي البصرة: نصب على الحال. وقال بعض نحويي الكوفة: بل نصب ذلك بوقوع الكفات عليه، كأنك قلت: ألم نجعل الأرض كفات أحياء وأموات، فإذا نوّنت نصبت كما يقرأ من يقرأ أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ * يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ وهذا القول أشبه عندي بالصواب.