تفسير الطبري
تفسير الآية رقم 33 من سورة المرسلات
حدثني أحمد بن عمرو البصري، قال: ثنا بدل بن المحبِّر، قال: ثنا عباد بن راشد، عن داود بن أبي هند، عن الحسن ( كَأَنَّهُ جِمَالَةٌ صُفْرٌ ) قال: الأينق السود.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ( كَأَنَّهُ جِمَالَةٌ صُفْرٌ ) كالنوق السود الذي رأيتم.
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة، في قوله: ( جِمَالَةٌ صُفْرٌ ) قال: نوق سود.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران؛ وحدثنا أبو كريب، قال: ثنا وكيع، جميعا عن سفيان، عن خصيف، عن مجاهد ( كَأَنَّهُ جِمَالَةٌ صُفْرٌ ) قال: هي الإبل.
قال: ثنا مهران، عن سعيد، عن قتادة ( كَأَنَّهُ جِمَالَةٌ صُفْرٌ ) قال: كالنوق السود الذي رأيتم.
وقال آخرون: بل عُني بذلك: قُلُوس السفن، شبَّه بها الشرر.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن سعيد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس ( كَأَنَّهُ جِمَالَةٌ صُفْرٌ ) فالجِمالات الصفر: قلوس السفن التي تجمع فتوثق بها السفن.
حدثنا أبو كُريب، قال: ثنا وكيع، عن سعيد، عن عبد الرحمن بن عابس، قال: سألت ابن عباس عن قوله: ( كَأَنَّهُ جِمَالَةٌ صُفْرٌ ) قال: قُلُوس سفن البحر يجمل بعضها على بعض، حتى تكون كأوساط الرجال.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن عبد الرحمن بن عابس، قال: سمعت ابن عباس سئل عن ( جِمَالَةٌ صُفْرٌ ) فقال: حبال السفن يجمع بعضها إلى بعض حتى تكون كأوساط الرجال.
حدثنا ابن بشار، قال: ثنا مؤمل، قال: ثنا سفيان، قال: سمعت عبد الرحمن بن عابس، قال: ثنا عبد الملك بن عبد الله، قال: ثنا هلال بن خباب، عن سعيد بن جُبير، في قوله: ( جِمَالَةٌ صُفْرٌ ) قال: قُلوس الجِسر.
حدثني محمد بن حويرة بن محمد المنقري، قال: ثنا عبد الملك بن عبد الله القطان، قال: ثنا هلال بن خَبَّاب، عن سعيد بن جُبير، مثله.
حدثنا ابن بشار، قال: ثنا محمد بن جعفر وابن أبي عديّ، عن شعبة، عن أبي بشر، عن سعيد بن جُبير ( كَأَنَّهُ جِمَالَةٌ صُفْرٌ ) قال: الحبال.
حدثنا أبو كُريب، قال: ثنا وكيع، عن سفيان، عن أبي إسحاق، عن سليمان بن عبد الله، عن ابن عباس ( كَأَنَّهُ جِمَالَةٌ صُفْرٌ ) قال: قلوس سفن البحر.
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: ( كَأَنَّهُ جِمَالَةٌ صُفْرٌ ) قال: حبال الجسور.
وقال آخرون: بل معنى ذلك: كأنه قطع النُّحاس.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله: ( كَأَنَّهُ جِمَالَةٌ صُفْرٌ ) يقول: قطع النحاس.
وأولى الأقوال عندي بالصواب قول من قال: عُنِي بالجمالات الصفر: الإبل السود، لأن ذلك هو المعروف من كلام العرب، وأن الجِمالات جمع جِمال، نظير رِجال ورِجالات، وبُيوت وبُيوتات.
وقد اختلف القرّاء في قراءة ذلك، فقرأته عامة قرّاء المدينة والبصرة وبعض الكوفيين ( جِمالاتٍ ) بكسر الجيم والتاء على أنها جمع جِمال وقد يجوز أن يكون أريد بها جمع جِمالة، والجمالة جمع جَمَل كما الحجارة جمع حَجَر، والذِّكارة جمع ذَكَر. وقرأ ذلك عامة قرّاء الكوفيين ( كأنه جمالات ) بكسر الجيم على أنها جمع جمل جُمع على جمالة، كما ذكرت مِن جمع حجَر حِجارة. ورُوي عن ابن عباس أنه كان يقرأ ( جُمالاتٌ ) بالتاء وضمّ الجيم كأنه جمع جُمالة من الشيء المجمل.
حدثنا أحمد بن يوسف، قال: ثنا القاسم، قال. ثنا حجاج، عن هارون، عن الحسين المعلم، عن أبي بشر، عن سعيد بن جُبير، عن ابن عباس.
والصواب من القول في ذلك، أن لقارئ ذلك اختيارَ أيّ القراءتين شاء من كسر الجيم وقراءتها بالتاء، وكسر الجيم وقراءتها بالهاء التي تصير في الوصل تاء، لأنهما القراءتان المعروفتان في قرّاء الأمصار، فأما ضم الجيم فلا أستجيزه لإجماع الحجة من القرّاء على خلافه.