تفسير الطبري
تفسير الآية رقم 9 من سورة الفجر
وقوله: ( وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ ) يقول: وبثمود الذين خرقوا الصخر ودخلوه فاتخذوه بيوتا، كما قال جلّ ثناؤه: وَكَانُوا يَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا آمِنِينَ والعرب تقول: جاب فلان الفلاة يجوبها جوبا: إذا دخلها وقطعها، ومنه قول نابغة:
أتـاكَ أبُـو لَيْـلَى يَجُـوبُ بِـهِ الدُّجَى
دُجَـى اللَّيـلِ جَـوّابُ الفَـلاةِ عَمِيـمُ (3)
يعني بقوله: يجوب يدخل ويقطع.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، في قوله: ( وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ ) يقول: فخرقوها.
حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس: ( وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ ) يعني: ثمود قوم صالح، كانوا ينحتون من الجبال بيوتا.
حدثني محمد بن عمارة، قال: ثنا عبيد الله بن موسى، قال: أخبرنا إسرائيل، عن أبي يحيى، عن مجاهد في قوله: ( الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ ) قال: جابوا الجبال، فجعلوها بيوتا.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة قوله: ( وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ ) : جابوها ونحتوها بيوتا.
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة، قال: ( جَابُوا الصَّخْرَ ) قال: نَقبوا الصخر.
حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: ثنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: ( جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ ) يقول: قَدُّوا الحجارة.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في قوله: ( الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ ) : ضربوا البيوت والمساكن في الصخر في الجبال، حتى جعلوا فيها مساكن. جابوا: جوّبوها تجوّبوا البيوت في الجبال، قال قائل:
ألا كُـلُّ شَـيْءٍ مـا خَـلا اللـهَ بـائِدٌ
كمَـا بـادَ حَـيٌّ مِـنْ شَـنِيقٍ وَمارِدِ
هُـمُ ضَرَبُـوا فِـي كُلّ صَلاءَ صَعْدَةٍ
بــأيْدٍ شِــدَادٍ أيِّــدَاتِ السَّــوَاعِدِ (4)
------------------------
الهوامش:
(3) البيت لأبي ليلى النابغة الجعدي . وفي ( اللسان : جوب ) وجاب الشيء جوبا واجتابه : خرقه ، وجاب الصخرة جوبا : نقبها وفي التنزيل العزيز : { وثمود الذين جابوا الصخرة بالواد } قال الفراء : جابوا : خرقوا الصخر فاتخذوه بيوتا . ونحو ذلك قال الزجاج : واعتبره بقوله : { وتنحتون من الجبال بيوتا فارهين } . وجاب يجوب جوبا : قطع وخرق . ا هـ .
(4) هذان البيتان لا أعرف قائلهما ، ولست على ثقة من بعض ألفاظهما ، ولعل قوله : " صلاء صعدة " محرف عن " صعداء صلة " والصعداء : الأكمة يصعب ارتقاؤها . والصلة : الأرض اليابسة ، جمعها : صلال .