تفسير الطبري
تفسير الآية رقم 4 من سورة الزلزلة
( يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا ).
كان ابن عباس يقول في ذلك ما حدثني ابن سنان القزّاز, قال: ثنا أبو عاصم, عن شبيب, عن عكرِمة, عن ابن عباس,( وَقَالَ الإنْسَانُ مَا لَهَا ) قال الكافر: ( يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا )
يقول: يومئذ تحدث الأرض أخبارها، وتحديثها أخبارها, على القول الذي ذكرناه عن عبد الله بن مسعود, أن تتكلم فتقول: إن الله أمرني بهذا, وأوحى إليّ به, وأذن لي فيه.
وأما سعيد بن جبير, فإنه كان يقول في ذلك ما حدثنا به أبو كُرَيب, قال: ثنا وكيع, عن إسماعيل بن عبد الملك, قال: سمعت سعيد بن جبير يقرأ في المغرب مرة: ( يَوْمَئِذٍ تُنَبِّئُ أَخْبَارَها ) ومرة: ( تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا ) .
فكأن معنى تحدّث كان عند سعيد: تُنَبِّئُ, وتنبيئها أخبَارَهَا: إخراجها أثقالها من بطنها إلى ظهرها. وهذا القول قول عندي صحيح المعنى, وتأويل الكلام على هذا المعنى: يومئذ تبين الأرض أخبارها بالزلزلة والرجة, وإخراج الموتى من بطونها إلى ظهورها, بوحي الله إليها, وإذنه لها بذلك, وذلك معنى قوله: ( بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا ).
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
*ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن. قال: ثنا ورقاء, جميعا عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, في قول الله: ( وَأَخْرَجَتِ الأرْضُ أَثْقَالَهَا * وَقَالَ الإنْسَانُ مَا لَهَا * يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا * بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا ) قال: أمرها, فألقَت ما فيها وتخلَّت.
حدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء, جميعا عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد ( بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا ) قال: أمرها.
وقد ذُكر عن عبد الله أنه كان يقرأ ذلك: ( يَوْمَئِذٍ تُنْبِّئُ أَخْبَارَها ) وقيل: معنى ذلك أن الأرض تحدث أخبارها من كان على ظهرها من أهل الطاعة والمعاصي, وما عملوا عليها من خير أو شرّ.
*ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن حميد, قال: ثنا مهران, عن سفيان ( يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا ) قال: ما عمل عليها من خير أو شرّ,( بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا ) قال: أعلمها ذلك.
حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله: ( يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا ) قال: ما كان فيها, وعلى ظهرها من أعمال العباد.
حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء, جميعا عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, قوله: ( يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا ) قال: تخبر الناس بما عملوا عليها.