تفسير ابن عاشور
تفسير الآية رقم 4 من سورة الحجر
اعتراض تذييلي لأن في هذه الجملة حكماً يشملهم وهو حكم إمهال الأمم التي حق عليها الهلاك ، أي ما أهلكنا أمّة إلا وقد متّعناها زمناً وكان لهلاكها أجل ووقت محدود ، فهي ممتعة قبل حلوله ، وهي مأخوذة عند إبانه .
وهذا تعريض لتهديد ووعيد مؤيدٌ بتنظيرهم بالمكذبين السالفين .
وإنما ذكر حال القرى التي أهلكت من قبلُ لتذكير هؤلاء بسنّة الله في إمهال الظالمين لئلا يغرّهم ما هم فيه من التمتع فيحسبوا أنهم أفلتوا من الوعيد . وهذا تهديد لا يقتضي أن المشركين قدر الله أجلاً لهلاكهم ، فإن الله لم يستأصلهم ولكن هدى كثيراً منهم إلى الإسلام بالسيف وأهلك سادتهم يوم بدر .
والقَرْية : المدينة . وتقدمت عند قوله تعالى : { أو كالذي مرّ على قرية } في سورة البقرة ( 259 ).
والكتاب : القَدَر المحدود عند الله . شبّه بالكتاب في أنه لا يقبل الزيادة والنقص . وهو معلوم عند الله ، لا يضلّ ربي ولا ينسى .
وجملة ولها كتاب معلوم } في موضع الحال ، وكفاك علماً على ذلك اقترانها بالواو فهي استثناء من عموم أحوال ، وصاحب الحال هو { قرية } وهو وإن كان نكرة فإن وقوعها في سياق النفي سوّغ مجيء الحال منه كما سوّغ العموم صحة الإخبار عن النكرة .