تفسير ابن عاشور
تفسير الآية رقم 92 من سورة البقرة
عطف على قوله : { فلم تقتلون أنبياء الله } [ البقرة : 91 ] والقصد منه تعليم الانتقال في المجادلة معهم إلى ما يزيد إبطال دعواهم الإيمان بما أنزل إليهم خاصة ، وذلك أنه بعد أن أكذبهم في ذلك بقوله : { فلم تقتلون أنبياء الله من قبل } كما بينا ، ترقى إلى ذكر أحوالهم في مقابلتهم دعوة موسى الذي يزعمون أنهم لا يؤمنون إلا بما جاءهم به فإنهم مع ذلك قد قابلوا دعوته بالعصيان قولاً وفعلاً فإذا كانوا أعرضوا عن الدعوة المحمدية بمعذرة أنهم لا يؤمنون إلا بما أنزل عليهم فلماذا قابلوا دعوة أنبيائهم بعد موسى بالقتل؟ ولماذا قابلوا؟ دعوة موسى بما قابلوا . فهذا وجه ذكر هذه الآيات هنا وإن كان قد تقدم نظائرها فيما مضى ، فإن ذكرها هنا في محاجة أخرى وغرض جديد ، وقد بينتُ أن القرآن ليس مثل تأليف في علم يُحال فيه على ما تقدم بل هو جامع مواعظ وتذكيرات وقوارع ومجادلات نزلت في أوقات كثيرة وأحوال مختلفة فلذلك تتكرر فيه الأغراض لاقتضاء المقام ذكرها حينئذ عند سبب نزول تلك الآيات .