تفسير ابن عاشور
تفسير الآية رقم 46 من سورة الأنبياء
وَلَئِنْ مَسَّتْهُمْ نَفْحَةٌ مِنْ عَذَابِ رَبِّكَ لَيَقُولُنَّ يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ (46)
عطف على جملة { قل إنما أنذركم بالوحي } [ الأنبياء : 45 ] والخطاب للنبيء صلى الله عليه وسلم أي أنذرهم بأنهم سيندمون عندما ينالهم أول العذاب في الآخرة . وهذا انتقال من إنذارهم بعذاب الدنيا إلى إنذارهم بعذاب الآخرة .
وأكد الشرط بلام القسم لتحقيق وقوع الجزاء .
والمسُّ : اتصال بظاهر الجسم .
والنفحة : المرة من الرضخ في العطية ، يقال نفحه بشيء إذا أعطاه .
وفي مادة النفح أنه عطاء قليل نزر ، وبضميمة بناء المرة فيها ، والتنكير ، وإسناد المسّ إليها دون فعل آخر أربعُ مبالغات في التقليل ، فما ظنك بعذاب يدفع قليله من حلّ به إلى الإقرار باستحقاقه إياه وإنشاء تعجبه من سوء حال نفسه .
والويل تقدم عند قوله تعالى : { فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم } في [ سورة البقرة : 79 ] ، وعند قوله تعالى : { وويل للكافرين من عذاب شديد } في أول [ سورة إبراهيم : 2 ].
ومعنى { إنا كنا ظالمين } إنا كنا معتدين على أنفسنا إذ أعرضنا عن التأمل في صدق دعوة الرسول صلى الله عليه وسلم فالظلم في هذه الآية مراد به الإشراك لأن إشراكهم معروف لديهم فليس مما يعرفونه إذا مستهم نفحة من العذاب .