تفسير ابن عاشور

تفسير الآية رقم 54 من سورة الأنبياء

قَالَ لَقَدْ كُنْتُمْ أَنْتُمْ وَآَبَاؤُكُمْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (54) وفي قوله تعالى : { كنتم في ضلال } من اجتلاب فعل الكون وحرف الظرفية ، إيماءٌ إلى تمكنهم من الضلال وانغماسهم فيه لإفادة أنّه ضلال بَواح لا شبهة فيه ، وأكدَ ذلك بوصفه ب { مبين .
} فلما ذكروا له آباءَهم شرّكهم في التخطئة بدون هوادة بعطف الآباء عليهم في ذلك ليعلموا أنهم لا عذر لهم في اتّباع آبائهم ولا عذر لآبائهم في سن ذلك لهم لمنافاة حقيقة تلك الأصنام لحقيقة الألوهية واستحقاق العبادة .
ولإنكارهم أن يكون ما عليه آباؤهم ضلالاً ، وإيقانِهم أن آباءهم على الحق ، شَكُّوا في حال إبراهيم أنطَق عن جِد منه وأن ذلك اعتقاده فقالوا { أجئتنا بالحق } ، فعبروا عنه { بالحق } المقابل للعب وذلك مسمى الجِدّ . فالمعنى : بالحق في اعتقادك أم أردت به المزح ،