تفسير ابن عاشور

تفسير الآية رقم 38 من سورة المؤمنون

إِنْ هُوَ إِلَّا رَجُلٌ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا وَمَا نَحْنُ لَهُ بِمُؤْمِنِينَ (38)
ثم جاءت جملة { إن هو إلا رجل افترى على الله كذباً } نتيجة عقب الاستدلال ، فجاءت مستأنفة لأنها مستقلة على ما تقدمها فهي تصريح بما كني عنه آنفاً في قوله : { ما هذا إلا بشر مثلكم } وما بعده من تكذيب دعوته ، فاستخلصوا من ذلك أن حاله منحصر في أنه كاذب على الله فيما ادعاه من الإرسال . وضمير { إن هو } عائد إلى اسم الإشارة من قوله : { ما هذا إلا بشر مثلكم } .
فجملة { افترى على الله كذباً } صفة ل { رجل } وهي منصَبّ الحصر فهو من قصر الموصوف على الصفة قصر قلب إضافياً ، أي لا كما يزعم أنه مرسل من الله .
وإنما أجروا عليه أنه رجل متابعة لوصفه بالبشرية في قولهم : { ما هذا إلا بشر مثلكم } تقريراً لدليل المماثلة المنافية للرسالة في زعمهم ، أي زيادة على كونه رجلاً مثلهم فهو رجل كاذب .
والافتراء : الاختلاق . وهو الكذب الذي لا شبهة فيه للمخبِر . وتقدم عند قوله تعالى : { ولكن الذين كفروا يفترون على الله الكذب } في سورة المائدة ( 103 ) .
وإنما صرحوا بأنهم لا يؤمنون به مع دلالة نسبته إلى الكذب على أنهم لا يؤمنون به إعلاناً بالتبري من أن ينخدعوا لما دعاهم إليه ، وهو مقتضى حال خطاب العامة .
والقول في إفادة الجملة الاسميَّة التقوية كالقول في { وما نحن بمبعوثين } .