تفسير ابن عاشور
تفسير الآية رقم 28 من سورة آل عمران
استئناف عُقب به الآي المتقدمة ، المتضمّنة عداء المشركين للإسلام وأهله ، وحسد اليهود لهم ، وتولّيهم عنه : من قوله : { إن الذين كفروا لن تغني عنهم } [ آل عمران : 116 ] إلى هنا .
فالمناسبة أنّ هذه كالنتيجة لما تقدمها :
نَهى الله المؤمنين بعد ما بيّن لهم بغي المخالفين وإعراضهم أنْ يتخذوا الكفّار أولياءَ من دون المؤمنين؛ لأنّ اتّخاذهم أولياء بعد أنْ سَفَّه الآخرون دينهم وسَفَّهوا أحلامهم في اتِّباعه يعدّ ضعفاً في الدين وتصويباً للمعتدين .
وشاع في اصطلاح القرآن إطلاق وصف الكفر على الشرك ، والكافرين والذين كفروا على المشركين ، ولعلّ تعليق النهي عن الاتّخاذ بالكافرين بهذا المعنى هنا لأنّ المشركين هم الذين كان بينهم وبين المهاجرين صلات ، وأنساب ، ومودّات ، ومخالطات مالية ، فكانوا بمظنّة الموالاة مع بعضهم . وقد علم كل سامع أنّ من يشابه المشركين في موقفه تجاه الإسلام يكون تولّي المؤمنين إياه كتولّيهم المشركين . وقد يكون المراد بالكافرين جميع المخالفين في الدين : مثل المراد من قوله : { ومن يكفر بآيات اللَّه فإنّ اللَّه سريع الحساب } [ آل عمران : 19 ] ، فلذلك كله قيل : إن الآية نزلت في «حاطب بن أبي بلتعه» وكان كان من أفاضل المهاجرين وخلّص المؤمنين ، إلا أنه تأول فكتب كتاباً إلى قريش يعلمهم بتجهيز النبي صلى الله عليه وسلم لفتح مكة ، وقيل : نزلت في أسماءَ ابنة أبي بكر لما استفتت رسول الله صلى الله عليه وسلم في بِرّ والدتها وصِلتِها ، أي قبل أن تجيء أمّها إلى المدينة راغبة؛ فإنّه ثبت في «الصحيح» أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال لها : صِلِي أمَّككِ . وقيل : نزلت في فريق من الأنصار كانوا متولِّين لكعْب بن الأشرف ، وأبي رافع ابن أبي الحُقَيق ، وهما يهوديان بيثرب . وقيل : نزلت في المنافقين وهم ممّن يتولى اليهود؛ إذ هم كفّار جهتهم ، وقيل : نزلت في عبادة بن الصامت وكان له حلف مع اليهود ، فلما كان يوم الأحزاب ، قال عُبادة للنبيء صلى الله عليه وسلم إنّ معي خمسمائة رجل من اليهود ، وقد رأيت أن يَخرجوا معي فأستظهر بهم على العدو . وقيل : نزلت في عمار بن ياسر لما أخذه المشركون فعذّبوه عذاباً شديداً ، فقال ما أرادوه منه ، فكَفُّوا عنه ، فشكا ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال له : " كيف تجد قلبك " قال : «مطمئناً بالإيمان» فقال : فإنْ عَادُوا فعُد .
وقوله : { من دون المؤمنين } ( من ) لتأكيد الظرفية .
والمعنى : مباعدين المؤمنين أي في الولاية ، وهو تقييد للنهي بحسب الظاهر ، فيكون المنهي عنه اتخاذ الكافرين أولياءَ دون المؤمنين ، أي ولاية المؤمن الكفّار التي تنافي ولايته المؤمنين ، وذلك عندما يكون في تولّي الكافرين إضرار بالمؤمنين ، وأصل القيود أن تكون للاحتراز ، ويدل لذلك قوله بعده : «ومن يفعل ذلك فليس من الله في شيء» لأنّه نفيٌ لوصلة من يفعل ذلك بجانب الله تعالى في جميع الأحوال ، والعرب تقول : «أنت منّي وأنا منك» في معنى شدة الاتّصال حتى كأنّ أحدهما جزء من الآخر ، أو مبتدأ منه ، ويقولون في الانفصال والقطيعة : لست منّي ولست منك؛ قال النابغة
: ... فإنّي لستُ منك ولستَ منّي
فقوله : { في شيء } تصريح بعموم النفي في جميع الأحوال لرفع احتمال تأويل نفي الاتّصال بأغلب الأحوال فالمعنى أنّ فاعل ذلك مقطوع عن الانتماء إلى الله ، وهذا ينادي على أنّ المنهي عنه هنا ضرب من ضروب الكفر ، وهو الحال التي كان عليها المنافقون ، وكانوا يظنّون ترويجها على المؤمنين ، ففضحهم الله تعالى ، ولذلك قيل : إنّ هذه الآية نزلت في المنافقين ، ومِمَّا يدل على ذلك أنّها نظير الآية الأخرى : { يأيها الذين ءامنوا لا تتخذوا الكافرين أولياء من دون المؤمنين أتريدون أن تجعلوا لله عليكم سلطاناً مبيناً إنّ المنافقين في الدّرَك الأسفل من النار } [ النساء : 144 ، 145 ] .
وقيل : لا مفهوم لقوله : { من دون المؤمنين } لأنّ آيات كثيرة دلت على النهي عن ولاية الكافرين مطلقاً : كقوله : { يأيها الذين ءامنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض } [ المائدة : 51 ] وقوله { يأيها الذين ءامنوا لا تتخذوا الذين اتّخذوا دينكم هزؤاً ولعباً من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم والكفّار أولياء } [ المائدة : 57 ] وإلى هذا الوجه مالَ الفخر .
واسم الإشارة في قوله : { ذلك } بمعنى ذلك المذكور ، وهو مضمون قوله : { أولياء من دون المؤمنين } .
والآية نهي عن موالاة الكافرين دون المؤمنين باعتبار القيد أو مطلقاً ، والموالاة تكون بالظاهر والباطن وبالظاهر فقط ، وتعتورها أحوال تتبعها أحكام ، وقد استخلصتُ من ذلك ثمانية أحوال .
الحالة الأولى : أن يتّخذ المسلم جماعة الكفر ، أو طائفته ، أولياء له في باطن أمره ، ميلاً إلى كفرهم ، ونواء لأهل الإسلام ، وهذه الحالة كفر ، وهي حال المنافقين ، وفي حديث عتبان بن مالك : أنّ قائلاً قال في مجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم " أين مالك بن الدُّخْشُن " ، فقال آخر : «ذلك منافق لا يحبّ الله ورسوله» فقال النبي صلى الله عليه وسلم " لا تقل ذلك أما سمعتَه يقول لا إله إلاّ الله يبْتغي بذلك وجه الله " فقال القائل : «الله ورسوله أعلم فإنّا نرى وجهه ونصيحته إلى المنافقين» . فجعل هذا الرجل الانحياز إلى المنافقين علامة على النفاق لولا شهادة الرسول لمالك بالإيمان أي في قلبه مع إظهاره بشهادة لا إله إلاّ الله .
الحالة الثانية : الركون إلى طوائف الكفر ومظاهرتهم لأجل قرابة ومحبة دون الميل إلى دينهم ، في وقت يكون فيه الكفّار متجاهرين بعداوة المسلمين ، والاستهزاء بهم ، وإذاهم كما كان معظم أحوال الكفّار ، عند ظهور الإسلام مع عدم الانقطاع عن مودة المسلمين ، وهذه حالة لا توجب كفر صاحبها ، إلاّ أنّ ارتكبها إثم عظيم ، لأنّ صاحبها يوشك أن يواليهم على مضرة الإسلام ، على أنّه من الواجب إظهار الحميّة للإسلام ، والغيرة عليه ، كما قل العتابي
: ... تودّ عدوّي ثم تزعم أنّني
صديقك إنّ الرأي عنك لَعَازب ... وفي مثلها نزل قوله تعالى : { يأيها الذين آمنوا لا تتخذوا الذين اتّخذوا دينكم هزؤاً ولعباً من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم والكفّار أولياء } [ المائدة : 9 ] قال ابن عطية : كانت كفّار قريش من المستهزئين» وفي مثل ذلك ورد قوله تعالى : { إنّما ينهاكم اللَّهعن الذين قاتلوكم في الدين وأخرجوكم من دياركم } [ الممتحنة : 9 ] الآية وقوله تعالى : { يأيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم لا يألونكم خبالاً } [ آل عمران : 118 ] الآية نزلت في قوم كان ، بينهم وبين اليهود ، جوار وحلف في الجاهلية ، فداوموا عليه في الإسلام فكانوا يأنسون بهم ويستنيمون إليهم ، ومنهم أصحاب كعب بن الأشرف ، وأبي رافع ابن أبي الحُقَيْق ، وكانا يؤذيان رسول الله صلى الله عليه وسلم
الحالة الثالثة : كذلك ، بدون أن يكون طوائف الكفّار متجاهرين ببغض المسلمين ولا بأذاهم ، كما كان نصارى العرب عند ظهور الإسلام قال تعالى : { ولتجدن أقربهم مودة للذين ءامنوا ، الذين قالوا إنّا نصارى } [ المائدة : 82 ] وكذلك كان حال الحبشة فإنّهم حموا المؤمنين ، وآووهم ، قال الفخر : وهذه واسطة ، وهي لا توجب الكفر ، إلاّ أنّه منهيّ عنه ، إذ قد يجرّ إلى استحسان ما هم عليه وانطلاء مكائدهم على المسلمين .
الحالة الرابعة : موالاة طائفة من الكفّار لأجل الإضرار بطائفة معيّنة من المسلمين مثل الانتصار بالكفّار على جماعة من المسلمين ، وهذه الحالة أحكامها متفاوتة ، فقد قال مالك ، في الجاسوس يتجسس للكفّار على المسلمين : إنّه يُوكل إلى اجتهاد الإمام ، وهو الصواب لأنّ التجسس يختلف المقصد منه إذ قد يفعله المسلم غروراً ، ويفعله طمعاً ، وقد يكون على سبيل الفلتة ، وقد يكون له دأباً وعادة ، وقال ابن القاسم : ذلك زندقة لا توبة فيه ، أي لا يستتاب ويقتل كالزنديق ، وهو الذي يُظهر الإسلام ويسر الكفار ، إذَا اطُّلع عليه ، وقال ابن وهب رِدّة ويستتاب ، وهما قولان ضعيفان من جهة النظر .
وقد استعان المعتمد ابن عباد صاحب أشبيلية بالجلالقة على المرابطين اللمْتونيين ، فيقال : إنّ فقهاء الأندلس أفتوا أميرَ المسلمين علياً بنَ يوسف بننِ تاشفين ، بكفر ابن عبّاد ، فكانت سبب اعتقاله ولم يقتله ولم ينقل أنّه استتابه .
الحالة الخامسة : أن يتّخذ المؤمنون طائفة من الكفّار أولياء لنصر المسلمين على أعدائهم ، في حين إظهار أولئك الكفار محبة المسلمين وعَرْضِهم النصرة لهم ، وهذه قد اختلف العلماء في حكمها : ففي المدوّنة قال ابن القاسم : لا يستعان بالمشركين في القتال لقوله عليه السلام لكافرٍ تبعه يوم خروجه إلى بدر : " ارجع فلن أستعين بمشرك " وروى أبو الفرج ، وعبد الملك بن حبيب : أنّ مالكاً قال : لا بأس بالاستعانة بهم عند الحاجة ، قال ابن عبد البر : وحديث
« لَن أستعين بمشرك » مختلف في سنده ، وقال جماعة : هو منسوخ ، قال عياض : حملُه بعض علمائنا على أنّه كان في وقت خاص واحتجّ هؤلاء بغزو صفوان بن أمية مع النبي صلى الله عليه وسلم في حنين ، وفي غزوة الطائف ، وهو يومئذ غير مسلم ، واحتجوا أيضاً بأنّ النبي صلى الله عليه وسلم لما بلغه أنّ أبا سفيان يجمع الجموع ليوم أحد قال لبني النضير من اليهود : « إنَّا وأنتم أهل كتاب وإنّ لأهل الكتاب على أهل الكتاب النصر فإمّا قاتلتم معنا وإلاّ أعرتمونا السلاح » وإلى هذا ذهب أبو حنيفة ، والشافعي ، والليث ، والأوزاعي ، ومن أصحابنا من قال : لا نطلب منهم المعونة ، وإذا استأذنونا لا نأذن لهم : لأنّ الإذن كالطلب ، ولكن إذا أخرجوا معنا من تلقاء أنفسهم لم نمنعهم ، ورام بهذا الوجه التوفيق بين قول ابن القاسم ورواية أبي الفرج ، قاله ابن رشد في البيان من كتاب الجهاد ، ونقل ابن رشد عن الطحاوي عن أبي حنيفة : أنّه أجاز الاستعانة بأهل الكتاب دون المشركين ، قال ابن رشد : وهذا لا وجه له ، وعن أصبغ المنع مطلقاً بلا تأويل .
الحالة السادسة : أن يتّخذ واحد من المسلمين واحداً من الكافرين بعينه وَليّاً له ، في حسن المعاشرة أو لقرابة ، لكمال فيه أو نحو ذلك ، من غير أن يكون في ذلك إضرار بالمسلمين ، وذلك غير ممنوع ، فقد قال تعالى في الأبوين : { وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفاً } [ لقمان : 15 ] واستأذنتْ أسماءُ النبي صلى الله عليه وسلم في برّ والدتها وصِلتها ، وهي كافرة ، فقال لها : « صِلِي أمّك » وفي هذا المعنى نزل قوله تعالى : { لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم } [ الممتجنة : 8 ] قيل نزلت في والدة أسماءَ ، وقيل في طوائف من مشركي مكة : وهم كنانة ، وخزاعة ، ومزينة ، وبنو الحرث ابن كعب ، كانوا يودّون انتصار المسلمين على أهل مكة . وعن مالك تجوز تعزية الكافر بمن يموت له . وكان النبي صلى الله عليه وسلم يرتاح للأخنس بن شريق الثقفي ، لما يبديه من محبة النبي ، والتردّد عليه ، وقد نفعهم يوم الطائف إذ صرف بني زهرة ، وكانوا ثلاثمائة فارس ، عن قتال المسلمين ، وخنس بهم كما تقدم في قوله تعالى : { ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا الآية .
الحالة السابعة : حالة المعاملات الدنيوية : كالتجارات ، والعهود ، والمصالحات ، أحكامها مختلفة باختلاف الأحوال وتفاصيلها في الفقه .
الحالة الثامنة : حالة إظهار الموالاة لهم لاتّقاء الضر وهذه هي المشار إليها بقوله تعالى : إلا أن تتقوا منهم تقاة } .
والاستثناء في { إلاّ أن تتّقوا } منقطع ناشىء عن جملة { فليس من الله في شيء } لأنّ الاتّقاء ليس ممّا تضمنه اسم الإشارة ، ولكنّه أشبَه الولاية في المعاملة .
والاتّقاء : تجنّب المكروه ، وتعديته بحرف ( مِن ) إمّا لأنّ الاتّقاء تستّر فعديّ بمن كما يعدّى فعل تستّر ، وإمّا لتضمينه معنى تخافوا .
و { تُقاةً } قرأه الجمهور : بضم المثنّاة الفوقية وفتح القاف بعدها ألف ، وهو اسم مصدر الاتّقاء ، وأصله وُقَيَة فحذفت الواو التي هي فاء الكلمة تبعاً لفعل اتّقى إذ قلبت واوه تاء ليتأتّى إدغامها في تاء الافتعال ، ثم أتبعوا ذلك باسم مصدره كالتُّجاة والتكْلة والتوءَدَة والتخْمة إذ لا وجه لإبدال الفاء تاء في مثل تقاة إلاّ هذا . وشذّ تُراث . يدل لهذا المقصد قول الجوهري : «وقولهم تُجاهك بني على قولهم اتّجه لهم رأي» . وفي «اللسان» في تخمة ، «لأنّهم توهّموا التاء أصلية لكثرة الاستعمال» . ويدل لذلك أيضاً قرن هذه الأسماء مع أفعالها في نحو هذه الآية ، ونحو قوله : { يأيها الذين ءامنوا اتقوا الله حق تقاته } [ آل عمران : 102 ] وقرأه يعقوب بفتح الفوقية وكسر القاف وفتح التحتية مشدّدة بوزن فَعِيلة .
وفائدة التأكيد بالمفعول المطلق هنا : الإشارة إلى تحقّق كون الحالة حالة تَقِية ، وهذه التقية مثل الحال التي كان عليها المستضعفون من المؤمنين الذين لم يَجدوا سبيلاً للهجرة ، قال تعالى : { إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان } [ النحل : 106 ] ومثل الحالة التي لقيها مسلمو الأندلس حين أكرههم النصارى على الكفر فتظاهروا به إلى أن تمكّنت طوائف منهم من الفرار ، وطوائف من استئذان الكفّار في الهجرة إلى بلاد الإسلام فأذن لهم العدوّ ، وكذلك يجب أن تكون التُّقاة غير دائمة لأنّها إذا طالت دخل الكفر في الذراري .
وقوله : { ويحذركم الله نفسه } تحذير من المخالفة ومن التساهل في دعوى التقية واستمرارها أو طول زمانها .
وانتصاب { نفسَه } على نزع الخافض وأصله ويحذّركم الله من نفسه ، وهذا النزع هو أصل انتصاب الاسمين في باب التحذير في قولهم إياك الأسدَ ، وأصله أحَذِّرك من الأسد . وقد جعل التّحذير هنا من نفس الله أي ذاته ليكون أعمّ في الأحوال ، لأنّه لو قيل يحذركم الله غضبه لتوهّم أنّ لله رضا لا يضرّ معه ، تعمّد مخالفة أوامره ، والعربُ إذا أرادت تعميم أحوال الذات علّقت الحكم بالذات : كقولهم لولا فلان لهلك فلان ، وقوله تعالى : { ولولا رجال مؤمنون إلى قوله لعذبنا الذين كفروا منهم عذاباً أليماً } [ الفتح : 25 ] ومن هذا القبيل تعليق شرط لولا على الوجود المطلق الذي سوغ حذف الخبر بعد لولا .
وسيجيء الكلام على صحة إطلاق النفس مضافاً إلى الله تعالى في سورة العقود عند قوله تعالى : { تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك } [ المائدة : 116 ] .
وهذا إعذار وموعظة وتهديد بالعقاب على مخالفة ما نهاهم الله عنه .
و { المصير } : هو الرجوع ، وأريد به البعث بعد الموت وقد عَلِم مثبتو البعث لا يكون إلاّ إلى الله ، فالتقديم في قوله : { وإلى الله } لمجرد الاهتمام ، وهذا تعريض بالوعيد أكد به صريح التهديد الذي قبله .