تفسير ابن عاشور
تفسير الآية رقم 26 من سورة الطور
قَالُوا إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ (26(ضمير { قالوا } عائد إلى البعضين ، أي يقول كل فريق من المتسائلين للفريق الآخر هذه المقالة .
والإِشفاق : توقع المكروه وهو ضد الرجاء ، وهذا التوقع متفاوت عند المتسائلين بحسب تفاوت ما يوجبه من التقصير في أداء حق التكليف ، أو من العصيان . ولذلك فهو أقوى في جانب ذريات المؤمنين الذين أُلحقوا بأصولهم بدون استحقاق . ولعله في جانب الذريات أظهر في معنى الشكر لأن أصولهم من أهلهم فهم يعلمون أن ذرياتهم كانوا مشفقين من عقاب الله تعالى أو بمنزلة من يعلم ذلك من مشاهدة سَيرهم في الوفاء بحقوق التكليف ، وكذلك أصولهم بالنسبة إلى من يعلم حالهم من أصحابهم أو يسمع منهم إشفاقهم واستغفارهم . وحذف متعلق { مشفقين } لأنه دل عليه { ووقانا عذاب السموم } .
وعلى هذا الوجه يكون معنى ( في ( الظرفية . ويتعلق { في أهلنا } ب { كنا } ، أي حين كنا في ناسنا في الدنيا . ف { أهلنا } هنا بمعنى آلنَا .
ويجوز أن تكون المقالة صادرة من الذين آمنوا يخاطبون ذرياتهم الذين ألحقوا بهم ولم يكونوا يحسبون أنهم سيلحقون بهم : فالمعنى : إنا كنا قبل مشفقين عليكم ، فتكون ( في ( للظرفية المجازية المفيدة للتعليل ، أي مشفقين لأجلكم .
ومعنى { فمن الله علينا } من علينا بالعفو عنكم فأذهب عنا الحزن ووقانا أن يعذبكم بالنار . فلما كان عذاب الذريات يحزن آباءهم جعلت وقاية الذريات منه بمنزلة